اعلان ماس فيتالس

محمد نور كرم الله يكتب.. تعليق على خطاب رئيس وزراء السودان الجديد د. كامل إدريس

 

المقدمه التى ابتدر بها رئيس الوزراء شرح ملامح خطته لتكوين الجهاز التنفيذى والهيكل الأدارى لمجلس الوزراء المرتقب اليوم , جيدة من الناحية النظرية والخطابية فى طرح الرؤية , الرسالة والأستراتيجيات التى ينوى بها تحقيق أهدافه التنموية . غير أنها تفتقر الى الواقعية وأهم عناصر النجاح , من حيث أيجاد الأرضية الثابته التى تطبق فيها برامج ومخرجات كل هذا العدد الهائل والمتضخم من الوزارات التى يبلغ عددها بحدود 22 أثنان وعشرون وزارة فى رقعة أرض لا تتجاوز نصف مساحة السودان ما قبل 2011.

بغض النظر عن شرعية وصحة تعيينه فى هذا المنصب الرفيع , والجدل الدائرعن تعديل شهادة تاريخ ميلاده.

فالرجل متفائل جدا , ولكن دعونا نذهب مباشرة الى التحديات المحتملة لأعاقة أداء الجهاز التنفيذى الجديد للدولة على أرض الواقع الذى خلفته الحرب الدائرة الآن , واهمها ما يلى:-

أولا : تواضع مصادر الأيرادات الحالية والتى تعتمد فى بنودها على جييب المواطن وأعنى بند الضرائب المباشرة وغير المباشرة كالرسوم الجمركية وغيرها فهى تعتبرأكبر مورد بعد البند الخارجى (المنح والقروض) الذى أفتقدته الدولة بعد أنقلاب 25 اكتوبر 2023 , هذا بالأضافة الى ضعف أو أنعدام موارد الشركات والهيئات الحكومية بسبب الحرب .

ثانيا: رغما عن موارد الدولة المتواضعه حسب أعلاه نجد أن بند الصرف على القوات النظامية يمثل ضغطا أكثر من 80% من هذه الموارد بحسب تصريحات رئيس الوزراء السابق د. حمدوك

ثالثا: الصرف على الحرب القائمة والمستمرة الآن , تحتاج الى موارد أضافية غير متوفرة , فالبتالى سوف تعطى أولوية الصرف فوق بنود الصرف التقليدية فمن أين ؟؟؟

رابعا: تقلص مصادر جلب العملات الأجنبية بسبب المقاطعة وحصرها فى جزء من قطاع المغتربين وبعض من دول الخليج والصين , يشكل تحديا كبيرا على الدولة فى سد عجز الموازنة , الميزان التجارى وسداد أقساط الدين الخارجى المستحقة , فالكل يعلم بان ديون السودان الخارجية تقارب 60 مليار دولار تم أعفاء جزء مقدر منها أيام حكومة د. حمدوك , فهذا القصور فى جلب العملات الأجنبية مؤشر لرفع نسبة الأستدانه من النظام المصرفى على حساب أضعاف القوة الشرائية للجنيه السودانى , غلاء الأسعار ورفع نسبة التضخم , وهذا المؤشر السلبى يصب عكس توجهات ما أعلنه رئيس الوزراء الجديد فى الصرف على الخدمات الضرورية والتنمية التى تؤدى لرفاه المواطن.

خامسا: ذكر السيد رئيس الوزراء بأنه سيقوم بتنشيط القطاعات الأقتصادية وأهمها قطاع الزراعة والرى , الثروة الحيوانية , الصناعات , السياحة والثقافة ..الخ بالقيمة المضافة , كل ذلك أحلام حميدة ولكنها لن تتحقق على المدى القصير أو المتوسط بسبب رئيسى وهو أن معظم مناطق هذه الثروات تقع فى ميادين الحرب الدائرة حاليا ومستمرة منذ عقود مثل كردفان الكبرى ودارفور الكبرى والنيل الأزرق , فما لم تقف هذه الحرب ستصبح أهداف رئيس الوزراء الجديد مجرد احلام تذروها رياح الحرب والفتن القبلية.

سادسا: الفساد , التجنيب والتهريب من أكبر التحديات التى ستقف عائقا نحو تحقيق أهداف الجهاز التنفيذى لمجلس الوزراء؟ نظرا لكبر حدود السودان مع جيرانه وتمكين مافيا الفساد والتهريب وتقلقلها فى أجهزة الدولة , بل تقنينها بواسطة القانون (راجع بنود الصرف فى الموازنات السابقة والقرارات الرئاسية) , فهيئة الشفافية ليست كافية لمنع الفساد بل مفوضية مع أستقلالية وتفعيل دور المراجع العام والمحاسب العام .

سابعا: تحديات السياسات النقدية والبنك المركزى فهذه حدث ولا حرج واهم التحديات هنا ماهية السياسات النقدية التى سيتعامل بها النظام المصرفى (أسلامية أم تقليدية) وكيفبة الحوكمة وتنظبم العلاقة بين البنك المركزى , الجهاز المصرفى , سلطة المال وقطاع التأمين مع تضارب المصالح بين أمتيازات الدولة وقطاع رجال المال والأعمال .

ثامنا: أكبر التحديات التى ستواجه وزارة السياحة والثقافة هى ثقافة الدولة نفسها ورؤيتها لهذا القطاع التى أنعكست سلبا على ثقافة المواطن.

السودان غنى جدا بموارده السياحية الذاتية من شواطئ بحار وأنهار , أودية وجبال , مناخات متعددة , جغرافيا متنوعه , حضارات ,أثار من قديم الزمان كل هذه العناصر تعتبر مصدرا لجلب السواح من جميع أنحاء العالم بمختلف سحناتهم وعاداتهم التى قد تختلف من عاداتنا وثقافتنا ولهم أحتياجاتهم المختلفة عنا , فكيف نواجه مثل هذه التحديات؟

هنا يأتى دور وزيرالسياحة والثقافة , لان السياحة فى ظل ما ذكرناه من عناصر الجذب تعتبر موردا هاما لايقل عن الذهب والبترول فى جلب العملات الأجنبية الى ترفد موارد الدولة بأسرع وأسهل الطرق.

تاسعا: نظام الحوكمة والشفافية الذى يحتاج الى شبكة الرط الألكترونى وتقنية المعلومات والربط التقنى الذى يقود الى تحقيق أهداف جميع الوزارات وقطاعاتها المختلفة مما يزيد من رفع كفاءة أدائها وفى نفس الوقت تصبح هى نفسها سلعة تصدر لجلب الموارد الأجنبية . ومثال ذلك وادى السيلكون فى النرويج , الهند , كاليفورنيا وغيرها .

عموما التحديات لايمكن حصرها فى هذا البوست وأنما تحتاج الى ورش متخصصة لكل وزارة لحصر التحديات ووضع الحلول المناسبة لها , لكنى غير متفائل بهذا الهيكل المتضخم للجهاز التنفيذى فى تحقيق أهدافه المعلنة فى ظل هذه الظروف , بل العكس سيكون عبئا أداريا متضخما مع الأمتيازات التى يتمتع بها الوزراء من رواتب , سيارات فارهة و بدلات , حوافز, أمن وعمالة مصاحبة لخدمة الوزراء وعوائلهم .

 

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.