اعلان ماس فيتالس

من مدني إلى الجنوب: كيف تُستخدم الأخبار الزائفة لتأجيج الصراع في السودان؟

لون الحقيقة

في ظل الحرب الراهنة التي يعيشها السودان، لم تعد المعارك مقتصرة على ساحات القتال، بل انتقلت إلى منصات التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت هذه المنصات ساحة مفتوحة للحرب الإعلامية. ومع ازدياد اعتماد الناس على هذه الوسائل كمصدر أساسي للأخبار، بات من السهل على الأطراف المتصارعة استخدام الأخبار المضللة كأداة لتوجيه الرأي العام، وتعميق الانقسامات، وزرع بذور الفتنة بين مكونات المجتمع.

 

شهدنا خلال الفترة الماضية أمثلة عديدة على هذه الممارسات، كان أبرزها التضخيم المتعمد لأحداث مدينة مدني بعد تحريرها. مقاطع الفيديو التي انتشرت عن الجرائم والانتهاكات، ورغم خطورتها، استُخدمت بشكل انتقائي وموجه لإشعال نيران الكراهية، وتشويه صورة أطراف معينة في الصراع، مما اجج الفتنه بين شعبي السودان وجنوب السودان.

 

الأمر لم يقف عند هذا الحد. بل تجاوز إلى بث محتويات مفبركة تستهدف مصداقية احد أطراف الصراع من الجانبين، مثل الفيديوهات التي تزعم وجود مقاتلين أجانب ضمن صفوف الجيش. ومع هذه الفوضى المعلوماتية، يصبح من الصعب على الناس التمييز بين الحقيقة والتزييف.

 

الحقيقة أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست مجرد ناقل محايد للأخبار. هي سلاح ذو حدين؛ يمكن استخدامها لنشر الوعي، لكنها أيضاً أداة خطيرة في أيدي من يريدون استغلالها لتحقيق مصالحهم الخاصة. وبالنسبة للسودانيين، الذين يعيشون يومياً تداعيات الحرب على أرض الواقع، فإن التعامل مع هذا السلاح يتطلب وعياً أكبر وتحملاً للمسؤولية، سواء من الأفراد أو من الجهات الرسمية.

 

الإعلام الرقمي في السودان يحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى جهود مشتركة لوقف سيل الأخبار المضللة، وتعزيز ثقافة التحقق قبل النشر، وحماية المجتمع من تأثيرات الحرب النفسية التي تشنها الأطراف المختلفة لتحقيق أهدافها.

 

إذا أردنا أن نحمي نسيجنا الاجتماعي من التمزق، فإن ذلك يبدأ بخطوة بسيطة ولكنها مهمة: لا تشارك ما لم تتحقق.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.