الخرطوم تُقاوم والفاشر تُنهك.. الأطلال تروي مأساة صراع السودان
(تحليل)
أصبحت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، رمزًا مأساويًا للصراع المسلح بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، إذ حولتها الاشتباكات المتواصلة إلى أطلال، بعد أن كانت ملاذًا آمنًا لمئات الآلاف من السكان.
الهجمات المتكررة التي شنتها قوات الدعم السريع جعلت السيطرة على المدينة محورًا استراتيجيًا، نظرًا لموقعها الحيوي الذي يربط بين إقليم دارفور والمناطق الشمالية والشرقية من السودان. وقد صعدت “الدعم السريع” عملياتها على الأرض بهدف إحكام السيطرة على الفاشر، في خطوة قد تمهد لإعلان سلطة جديدة في الإقليم، حيث تبقت ساعات قليلة على انتهاء مهلة الـ48 ساعة التي حددتها قوات الدعم السريع، مطالبة بانسحاب الجيش السوداني وحلفائه من مدينة الفاشر وتسليم أسلحتهم، فيما تتواصل الاشتباكات العنيفة في محيط المدينة، وتتصاعد المخاوف بشأن ما قد تشهده عاصمة شمال دارفور قريبًا، ما يفتح الباب أمام سيناريو تقسيم السودان فعليًا بين طرفي النزاع.
- آخر التطورات الميدانية
تشهد مدينة الفاشر تصاعدًا خطيرًا في الهجمات العسكرية، حيث شنت قوات الدعم السريع سلسلة من الغارات التي استهدفت منشآت حيوية، مما أدى إلى دمار واسع النطاق. وتشير تقارير ميدانية إلى أن المدينة تعاني نقصًا حادًا في الغذاء والمياه والخدمات الصحية، في ظل حصار خانق فرضته “الدعم السريع”، حيث شهدت الفاشر منذ مايو 2024 واحدة من أكثر الحروب ضراوة، حيث تتحرك قوات الدعم السريع من مناطق متعددة، بينما تشتعل المواجهات في الصحراء بين الحدود السودانية الليبية التشادية، مع ورود تقارير عن قوافل إمدادات عسكرية لقوات الدعم السريع قادمة من ليبيا.
على الصعيد الوطني، تستمر المواجهات في شرق السودان، حيث تحاول “الدعم السريع” استخدام بعض المناطق بولاية الجزيرة كنقطة انطلاق لهجمات بالمسيرات والمدفعية على مواقع الجيش في القضارف وسنار. أما في العاصمة الخرطوم، فقد نجح الجيش السوداني في تقليص نفوذ الدعم السريع على مناطق حيوية غرب أم درمان.
- السيناريوهات المحتملة
حسم عسكري لصالح أحد الطرفين: مع استمرار توازن القوى الحالي، يبدو هذا السيناريو مستبعدًا على المدى القصير.
اتفاق سياسي: قد تدفع الضغوط الدولية طرفي النزاع إلى طاولة المفاوضات، لكن الخلافات العميقة تجعل تحقيق اتفاق شامل أمرًا صعبًا.
استمرار الصراع دون حسم: يظل هذا السيناريو الأكثر ترجيحًا، مع تزايد المعاناة الإنسانية في مختلف أنحاء السودان.
تقسيم السلطة: سيطرة الدعم السريع على الفاشر قد تعزز فرص إعلان إدارة محلية في دارفور، مما يمهد لتقسيم السودان سياسيًا وإداريًا.
باتت مدينة الفاشر تُجسِّد المأساة السودانية بكل أبعادها. الصراع المحتدم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لا يُظهر أي بوادر للانحسار، مما يُعزِّز المخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية، في ظل تزايد الضغوط الدولية لإيجاد حل سياسي ينهي هذا الكابوس المستمر.