
أطباء السودان “ملائكة رحمة” بين نيران الحرب
الغد السوداني _ متابعات
ملخص
“حذرت منظمة الصحة العالمية من الهجمات المروعة على مرافق الرعاية الصحية التي أودت بحياة أكثر من 1200 من العاملين في القطاع الصحي جراء 185 هجوماً على منشآت صحية في السودان منذ اندلاع الحرب”.
تزايدت في الآونة الأخيرة حالات الاعتداء على الأطباء والكوادر الصحية بخاصة في مناطق النزاع المسلح السوداني، إذ تحولت المستشفيات من غرف طوارئ لإنقاذ الأرواح إلى ساحات توتر وأخطار في وقت يؤدي فيه الأطباء واجبهم الإنساني وسط نقص المعينات وأزمة الرواتب.
تعرض المئات من الكوادر الطبية للقتل والتوقيف والخطف، وكذلك الإخفاء القسري والمضايقات والتهديد بالتصفية، إضافة إلى الاعتداءات الجنسية على الطبيبات في مناطق عدة بولايات كردفان ودارفور، كما أجبرت قوات “الدعم السريع” العشرات على العمل لعلاج جرحى المعارك العسكرية.
تحريض وتصنيف
طبيب الطوارئ أشرف حمزة، الذي كان يعمل في مستشفى أبوزبد بولاية غرب كردفان، قال إن “العاملون في المجال الصحي تعرضوا للقتل والاعتداء من قبل قوات (الدعم السريع) في مستشفيات عدة بالإقليم، إلى جانب المراكز الصحية بصورة مستمرة منذ اندلاع الحرب في أبريل (نيسان) عام 2023 وحتى الآن”.
وأوضح أن “تلك القوات تنفذ حملة اعتقالات ضد الأطباء في مناطق سيطرتها بزعم التعاون مع الجيش السوداني واحتجاز آخرين بتهمة التقصير في علاج جنودها”.
وأردف حمزة “للأسف معظم الاعتقالات تجري بنهج تحريضي في كثير من الأحيان، أو بناءً على تصنيف جهوي أو قبلي في أحيان أخرى، وليس بناءً على أدلة محددة قانونية، كما لا تتوفر للكوادر الطبية ضمانات التحري القانونية”.
استهداف وخطف
من جهته، أكد الطبيب في مستشفى الخرطوم الفاتح بريمة أن “ظاهرة خطف الأطباء وطلب الفدية المالية مقابل حياتهم تزايدت بصورة كبيرة، بخاصة بعد المجازر والفظائع التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر، إذ تلقت أكثر من 12 أسرة اتصالات من قبل هذه القوات تطالب من خلالها بدفع أموال كبيرة مقابل إطلاق سراح الكوادر الطبية والتهديد بقتلهم جميعاً حال عدم الاستجابة”.
ولفت الانتباه إلى أن “الأطباء يعملون في ظروف صعبة، وتحت القصف لتقديم الخدمة، على رغم انهيار القطاع الصحي وافتقار المستشفيات والإمدادات الطبية للأدوية والوسائل العلاجية، ويتعرض عدد منهن للضرب والاعتقال، واستهدافهم بصورة مستمرة”.
ولفت بريمة إلى أن “هناك العشرات من الكوادر الطبية تعرّضت للاعتداء من قبل مسلحين في ظل غياب الحماية وسلطة القانون، وكذلك إجبار أطباء على العمل تحت الإكراه، مما تسبب في إصابات جسدية وحالات صدمة نفسية”.
جرائم وترويع
في السياق، أكدت وزارة الصحة السودانية مقتل 12 شخصاً من كوادرها الطبية برصاص عناصر تتبع لقوات “الدعم السريع”، في مدينة بارا بولاية شمال كردفان.
وقالت الوزارة في بيان إن “سبعة من الكوادر الطبية العاملة بمكتب منظمة إعانة المرضى الكويتي، وخمسة من الكوادر الطبية التابعة لجمعية الهلال الأحمر السوداني، قتلوا في هجمات منفصلة نفذتها ميليشيات (الدعم السريع) بمدينة بارا”.
وأوضح وزير الصحة هيثم محمد إبراهيم، أن “هذه الاعتداءات الوحشية على المنشآت الصحية والكوادر الطبية تعد انتهاكاً صارخاً لكل المواثيق الدولية، وعلى رأسها القانون الدولي الإنساني، وتشكل جرائم ضد الإنسانية لا يمكن التغاضي عنها”.
ونبه إلى أن “المستشفيات والمرافق الطبية يجب أن تظل ملاذاً آمناً ومحايداً، لا أن تتحوّل إلى ميادين للقتل والترويع”. داعياً المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، والهيئات الأممية، إلى التحرك العاجل لمحاسبة الجناة، وضمان حماية العاملين في القطاع الصحي وصون حرمة المرافق الطبية.
ضحايا وانتهاكات
إلى ذلك، كشفت “شبكة أطباء السودان عن مقتل أكثر من 234 من الكوادر الطبية، إلى جانب إصابة ما يزيد على 507 من العاملين في القطاع الصحي، في وقت لا يزال مصير أكثر من 59 كادراً طبياً مجهولاً منذ اندلاع الحرب وحتى اللحظة، إضافة إلى احتجاز 73 آخرين بمدينة نيالا في أوضاع وصفت بالبالغة السوء.
وقالت الشبكة إن هذا الإحصاء يعكس حجم الاستهداف الممنهج والانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها العاملون في القطاع الصحي، في مخالفة صريحة للقوانين والمواثيق الدولية التي تكفل حماية الكوادر الطبية والمنشآت الصحية أثناء النزاعات المسلحة.
“نقلاً عن اندبندنت عربية”
