اعلان ماس فيتالس

الدعم السريع تغتال “الموت الصامت”.. ضحايا جدد ينضمون إلى أشلاء الحرب

عاصم إسماعيل

صحفي سوداني

لم يكن المزارع احمد على يعلم ان الشوكة التى داس عليها واخترقت رجله تتسب له مستقبلا فى مرض خطير طال امده وسببت له كل تلك الالام واخذته فى طريق العمليات الجراحية واضحى ضحية لها مع مرور الايام حيث بدات رجله فى التورم رغم عدم شعوره بالالم الى ان ساقته تلك الشوكة الى بتر رجله تماما، انه مرض المايستوما الذى يطلق عليه غالب السودانيين “القاتل الصامت” او “الموت الصامت.”
ولا يعتبر هذا المرض الذي يتآكل معه لحم الإنسان قاتلا بشكل خاص، لكنه يدمر حياة وأجساد المصابين، إذ يتسبب في بعض التشوهات الجسدية وبتر الأطراف وهو ما حدث لأحمد الذى كان يمسك بطرفه الاصطناعي في يده بينما يفحص ساقه اليسرى المبتورة طبيب في مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم، قبل إعطائها الأدوية التي ستحتاج إلى تناولها مدى الحياة.

مركز أبحاث مرض المايستوما التابع لجامعة الخرطوم، الذى يعمل على خدمة نحو عشرة آلاف مُصاب منذ تأسيسه في العام 1991، تم تدميره تماما من قبل قوات الدعم السريع عقب اندلاع الحرب بين الجيش والدعم السريع فى ابريل من العام 2023م

وما لا يعرفه الكثيرون أن الصراع دمر المركز الوحيد في العالم لأبحاث المايستوما (الورم الفطري)، وهو مرض مداريّ مُعدٍ يصيب خصوصا الفئات المحرومة.
فقد كشف مكتب منظمة الصحة العالمية في السودان أن هذا المركز في الخرطوم تعرض لدمار كبير، حيث انهارت الأسقف وتناثرت الوثائق حيث قال الدكتور أحمد فحل، مؤسس المركز “فقدنا كل المحتوى الموجود في بنوكنا البيولوجية، وكانت فيها بيانات منذ أكثر من 40 سنة”، مضيفا أن هذا وضع “يصعب تحمله”، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس
كما أشارت منظمة الصحة إلى أن الوصول إلى موقع المركز لا يزال متعذرا على السلطات الصحية، مما يحول دون إجراء أي تقييم دقيق للأضرار.

وظهر المرض في الهند في العام 1812، لكن السودان يُعدّ من أكثر الدول إصابة به حيث ينتشر في منطقة النيل الأزرق وكردفان ودارفور والنيل الابيض وولاية الجزيرة.
وتظهر علامات الإصابة عبر الأورام وتقرحات الأيدي والأرجل وهي أبرز علامات الإصابة التي تحدث عبر ميكروبات دقيقة، وقد يتفاقم الوضع وصولاً إلى بتر الأطراف. وطرق علاج المرض التي يتبعها المركز تبدأ بعملية تطهير مكان الإصابة وتعقيمه، وقد يتطور الأمر إلى تدخل جراحي في الحالات الحرجة.
ويقول مدير المركز أحمد فحل إنهم يقومون بتقديم خدمات علاجية للمرضى في داخل وخارج السودان، إضافة الى إجراء البحوث العلمية لمعرفة سبب انتشار المرض.
من جهتها تشير سحر مبارك وهي منسقة البحوث في المركز نفسه الى أن هذا المرض كان مهملاً في العالم، ولم تكن توجد الكثير من الأبحاث حوله ولا مراكز متخصصة، لكن حصل اهتمام عالمي أدى الى تكوين ما يُسمّى بـ “مجموعة أبحاث المايستوما العالمية”، وهي تضم اليوم أكثر من 40 دولة. مرض المايستوما أو مايسمى بالورم الفطري هو عدوى مزمنة تسببها البكتيريا أو الفطريات، وهو أحد أكثر الأمراض إهمالا في العالم.

المرض مستوطن في العديد من بلدان إفريقيا وآسيا والأمريكتين، ويستأثر السودان والمكسيك على أكبر عدد من الحالات التي أبلغ عنها في جميع أنحاء العالم. وينتقل المرض عن طريق الزرع، أي من خلال وخز الشوكة أثناء المشي بقدمين حافيتين ويؤثر المرض بشكل أساسي على الفئات العمرية اليافعة، حيث يشكل الأطفال حوالي 20-25 % من جميع مرضى المايستوما ، وفقا لمركز البحوث الطبية.
وقال أستاذ الجراحة بجامعة الخرطوم ومدير مركز البحوث الطبية البروفيسور أحمد الفحل إن الورم الفطري يصيب أفقر السكان في المناطق النائية، أولئك الذين يتنقلون حفاة هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة به، ومعظمهم من العمال الميدانيين والأطفال.


وأضاف يمكن أن يمثل علاجه تحديا بسبب الأدوية باهظة الثمن وغير المتوفرة في كثير من الأحيان والتي لها أيضا آثار جانبية خطيرة، ويستمر العلاج لعدة أشهر، ويمكن أن يسبب المرض مضاعفات خطيرة تصل حد الموت في الحالات الشديدة، وغالبا ما يكون الحل الوحيد هو البتر.
أوضح باحثون أن دواء رخيص الثمن يُستخدم بعلاج عدوى الأظافر الفطرية، لديه فعالية قوية ضد مرض مدمر يأكل اللحم والعظام وينتشر في أفريقيا وآسيا والأميركيتين، بحسب تقرير لصحيفة “غارديان” البريطانية.
ويقول الباحثون إن هذا الاختراق العلمي، يوفر الأمل لآلاف المرضى الذين عانوا عقودًا من الإهمال، حيث يمكن أن يكون له عواقب خطيرة إذا تركوا دون علاج.

وأظهرت نتائج التجربة السريرية لعلاج جديد لداء (المايستوما)، والتي أجريت في السودان، أن عقار “فوسرافوكونازول” الذي يأخذ عن طريق الفم، فعال بنسبة تصل إلى 85 بالمئة، دون أن يكون له أي آثار جانبية.
كشفت تجربة حديثة لعلاج مرض المايستوما أو ما يُعرف بالورم الفطري، عن نتائج واعدة وفعالة في علاج هذا المرض المنتشر بالعديد من بلدان أفريقيا وآسيا والأميركتين، وفقا لما نقلت وكالة أنباء السودان، والغارديان.

الا ان بعض المختصين يرون ان المرض منتشر فى حزام المايستوما الذى يشمل السودان الصومال والسنغال السعودية واليمن والصين والمكسيك والهند ولكن لان السودان نشطا فى الابحاث لذلك معظم المعلومات موجودة فى السودان الذى يقوم بتقديم خدمات علاجية داخل وخارج البلاد بامكانيات كبيرة حيث تنتقل الفطريات البكتيرية فى التربة الى جسم الانسان عبر الجروم والتورمات وهو غير مؤلم تظهر من خلال التورم فتحات فيها صديد وبعض الحبيبات قد تكون سوداء وصفراء وبيضاء وحمراء ثم يصبح المريض غير قادر على العمل ، معظم المرضي من الاطفال والطلاب حيث يحتاج المريض فى مراحله الاولى الى التشخيص عبر الاشعة والفحص المجهرى ثم تبدا رحلة العلاج التى قد تمتد الى سنتين باخذ الحبوب العلاجية واذا استعصى ننتقل الى الجراحة.

اطباء قالوا انه المركز الوحيد فى العالم متخصص فى علاج المايستوما، المرض له انعكاسات سلبية على السلطات الصحية والمجتمع له اعراض جانبية ولكن العلاج المبكر يخفف كلما حضر المريض باكرا ، وينصح الاطباء باهمية التخلص من زرائب الحيوانات وتركها خارج المنازل والتخلص من الاوساخ التى تساعد فى نقل الامراض الى جسم الانسان.

ويقول مختصون ان المركز ظل على مدى سنوات يستقبل اسبوعيا 200 مريض من مختلف دول العالم ويقدم العلاج فى معامله المتخصصة ويقدم العلاج مجانا ويجرى العمليات الجراحية حيث يتلقى كل اسبوع 30 حالة جديدة فى ظل استمرار الابحاث وتدريب الكوادر الطبية داخل المركز والعمل فى الولايات للمساعدة فى العلاج وتوعية المرضي بكيفية الوقاية والمعالجة.

وظل المركز يقدم الخدمة خارج ولاية الخرطوم وانتقل وانشأ فى العام 2016م فرعا له بولاية سنار لزيادة التوعية للجمهور بجانب ان هنالك كثير من الجمعيات والمتطوعين تعمل فى عمليات التثقيف مثل “نحن معكم” هى مجموعة من المتطوعين لمساعدة خدمة المرضي وهنالك اصدقاء المرضي وهذا المرض يحتاج الى رعاية اجتماعية ونفسية خاصة ان كثير من المرضي يحتاجون اطراف فالمركز يقوم بملصقات توعوية وافلام توعوية وتثقيفية.

وأظهرت التجارب أن عقار (فوسرافوكونازول) ذو قدرة علاجية آمنة وأكثر فعالية، بحسب التجارب والدراسات التي أجرتها مبادرة أدوية الأمراض المهملة ومقرها في جنيف بالتنسيق مع مركز أبحاث المايستوما في الخرطوم وشركة إيساي اليابانية للأدوية. ووفقا للغارديان فإن الورم الفطري هو عدوى مزمنة تسببها بعض أنواع البكتيريا والفطريات، وهو مدرج في قائمة منظمة الصحة العالمية التي تضم 20 مرضا استوائيا مهملا.

ويقول الفحل ان العقار يقلل من عبء تناول الحبوب للمرضى بشكل كبير، 8 حبات فقط في الشهر مقابل 120 حبة الحالية باستخدام عقار إيتراكونازول، والذي يجب تناوله مع الطعام 4 مرات يوميًا لمدة عام.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.