
لحيظات بكائي…
بقلم:عبد الغني كرم الله
انا كثير البكاء، ولو وحدي، تتنافس الاغاني، والقراءة في قصب السبق، في إدرار الدمع في قلبي وعيناي.
واليكم عدد من الدموع:
(1)
حين كنت اقرأ في اعمال العبقري الصغير، معاوية نور، بكيت لعقل عظيم، وقلب اعظم، لم ربط بالشعبة، كالمجنون، بكيت بحسرة، لعقل متوثب، بين غير اهله (اهله الوضع الثقافي العام)، كل جريرته، لم يروا، ما راه،.
(2)
بكيت، لأم الزين، وهي تدفع (الختة)، هنا، وهناك، والحاكي يسخر منها، اتنتظر ردها؟ كشأن اهل القرية؟ اهناك فتاة تتزوج الزين؟ عصرت المقولة قلبي، حين تخيلت نظرات الرثاء والشماتة وهي تفك عقدة طرف ثوبها، جمعتها بتوفير طويل، كي يكتب اسم الزين في كراسة (الكشف)،.
(3)
هذه الجملة ابكتني، جدا (الارض كروية، كبرتقالة)، احساس شفقة حقيقي، انتابني نحو، السيد المغامر العجيب في الكشوف العلمية، جوزيه اركاديو بوينديا، احد ابطال مائة عام من العزلة. لا احد يحس بتوقد خياله الذكي، مغامراته العجيبة في البحث عن الاسرار، ودفع كل ما يملك في اقتناء ادوات تساعده في احلامه الغريبة. زادت شفقتي، حين جلس علي الأريكة، مع اسرته بعد رهق شهور وتأمل في سماء ماكندو، ونظرات الهزوء والشفقه من أورسولا واطفاله، تعم المطبخ الخشبي، تمتم بصدق وبراءة: (الارض كروية كبرتقالة) هزوا رؤسهم شفقة بذهاب عقله، رثوا لحاله، وليس حالهم. حينها، شعرت بغربته، والهوة الفظيعة التي لا تقاس، بينه وبين اقرب الناس اليه، لسان الحال، يردد بيت السيد البدوي (مجانين، الا ان سر جنونهم عجيب، على اعتابه يسجد العقل).
(4)
بكيت بحرقة، حقيقة لا مجاز، للطفل فانكا، في مرثية لتيشكوف، وهو يصور طفل صغير يعيش مع جده، ثم يضطر للسفر بعيدا عن قريته، للعمل في مدينة بطرسبيرغ، ويعمل مع اسكافي قاسي، ورأى الناس يرسلون الجوابات برميها في صندوق البريد، فكتب رسالة ودموعه تحجب رؤيته للسطور، وهو يحن لاشياء بسيطة في قريته، ثم رمى الجواب دون عنوان ودون قروش، هكذا تصوره سيصل لجده،.
وظل كل صبح ينتظر رد جده، في انتظار جودو اخرى (*لا احد ياتي، لا شي يحدث، ان هذا لشي فظيع)،.
(5)
بكيت لشاعر متسكع، حكاية عذبة لنيابول، وقد طرق باب حديدي وحوش جميل، فتح الباب طفل، تصورته الام شحاذ، لكنه قال للطفل، اخبر امك انني اريد ان اراقب النمل تحت تلك الشجرة، تعجبت الام وشكت فيه، ربما لص، وهمست لطفلها، افتح له الباب وراقبه جيدا.
ركعوا معا، الطفل والشاعر، في مراقبة اجمل نبض وتعاون ومثابرة وتخطيط في الدنيا، دنيا النمل، بكيت مع الطفل حين ودعه، طفل صغير، وطفل كبير، اكثر براءة وجمالا منه.