اعلان ماس فيتالس

قمة أمنية في لندن: اختبار حاسم لدعم أوكرانيا في ظل تصاعد الضغوط الدولية

الغدالسوداني-وكالات

تنعقد في لندن، اليوم الأحد، قمة أمنية يشارك فيها قادة نحو 15 دولة من حلفاء أوكرانيا، حيث تمثل هذه القمة اختبارًا جوهريًا لمدى استعداد الدول الأوروبية وشركائها لمواصلة تقديم الدعم العسكري والاقتصادي لكييف، في وقت تشهد فيه الساحة الدولية تحولات متسارعة وضغوطًا متزايدة.

 

تراجع الالتزام الأمريكي وتأثيره على الموقف الأوروبي

تأتي القمة وسط مخاوف متزايدة من تراجع الالتزام الأمريكي تجاه أوكرانيا، خاصة بعد المشادة العلنية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. فقد وجّه ترامب انتقادات حادة لزيلينسكي، معتبرًا أنه وضع نفسه في “موقف سيئ” و”لا يملك أوراقًا رابحة”، مطالبًا إياه بالتفاوض مع موسكو للوصول إلى اتفاق سلام، ومهددًا بأن واشنطن “قد تتخلى عنه” إذا لم يفعل ذلك.

 

قلق أوروبي من انسحاب أمريكي محتمل

أثارت هذه التصريحات قلق القادة الأوروبيين، الذين يرون أن أي تراجع أمريكي عن دعم أوكرانيا قد يضع أوروبا في مواجهة مباشرة مع روسيا دون الغطاء العسكري التقليدي الذي توفره الولايات المتحدة.

وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك وصفت هذا الوضع بأنه “حقبة جديدة من العار”، مؤكدة أن أوروبا مطالبة أكثر من أي وقت مضى بالدفاع عن النظام الدولي القائم على القواعد، في مواجهة محاولات فرض الأمر الواقع بالقوة.

ومن بين القادة المشاركين في القمة، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتز، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، إلى جانب الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، ورئيسي المفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، أورسولا فون دير لاين وأنطونيو كوستا.

 

استقبال حار لزيلينسكي وإعلان دعم بريطاني جديد

قبل انطلاق القمة، استقبل رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحفاوة في مقر الحكومة البريطانية، حيث أكد أن المملكة المتحدة “مصممة بالكامل” على مواصلة دعم أوكرانيا وتعزيز قدراتها الدفاعية.

وفي خطوة عملية لدعم كييف، أعلنت بريطانيا عن اتفاقية قرض بقيمة 2.26 مليار جنيه إسترليني (حوالي 2.74 مليار يورو)، سيتم تمويله من أرباح الأصول الروسية المجمدة. وأكد زيلينسكي أن هذه الأموال ستستخدم لتعزيز إنتاج الأسلحة داخل أوكرانيا، معبرًا عن امتنانه العميق للدعم البريطاني المستمر.

 

محاور النقاش في القمة

من المقرر أن تبدأ القمة في الساعة 14:00 بتوقيت لندن وغرينتش، وستركز على عدة محاور رئيسية، أبرزها تعزيز القدرات العسكرية لأوكرانيا، وفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية على روسيا، إضافة إلى بحث مستقبل الضمانات الأمنية الأوروبية، خاصة في ظل احتمالات تقارب ترامب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو سيناريو يثير قلقًا واسعًا في العواصم الأوروبية.

كما تتزامن القمة مع تحضيرات لقمة أوروبية استثنائية في بروكسل، مقررة في 6 مارس/آذار، حيث سيُناقش تعزيز الدعم لأوكرانيا بشكل أوسع.

 

نحو دفاع أوروبي أكثر استقلالية؟

في ظل الغموض الذي يحيط بالالتزام الأمريكي تجاه الناتو، برزت دعوات أوروبية لتعزيز القدرات الدفاعية الذاتية. وفي هذا السياق، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استعداده لفتح النقاش حول مستقبل الردع النووي الأوروبي، مشيرًا إلى أن على القارة الاستعداد لسيناريوهات قد تشمل تقليص الدور الأمريكي داخل الحلف.

وشدد ماكرون على أهمية تأسيس “تمويل مشترك ضخم” بمئات المليارات من اليورو، بهدف تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية، وهو ما يعكس إدراكًا متزايدًا بأن الاعتماد الكامل على الحماية الأمريكية قد لا يكون خيارًا مستدامًا.

 

قلق على الجبهة الأوكرانية

على الخطوط الأمامية في أوكرانيا، تابع الجنود الأوكرانيون المشادة بين زيلينسكي وترامب بقلق بالغ. نادية، ضابطة تبلغ من العمر 21 عامًا، عبّرت عن شعورها بـ”الفراغ”، متسائلة عن الأسباب التي جعلت أوكرانيا تُعامل بهذه الطريقة.

أما جندي يُلقب بـ”سمايل”، فقد اعتبر أن تصريحات ترامب تمثل “خيانة” و”إهمالًا”، مؤكدًا أن موقف أوروبا في دعم أوكرانيا أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى، خاصة في ظل التهديدات التي تواجهها القارة بأكملها في حال انتصار روسيا في الحرب.

 

لحظة حاسمة لمستقبل الصراع

في النهاية، تمثل هذه القمة لحظة فارقة في تحديد مستقبل الصراع في أوكرانيا، إذ ستكشف النقاشات ما إذا كانت أوروبا مستعدة فعليًا لتحمل مسؤولياتها الدفاعية بعيدًا عن المظلة الأمريكية، أم أنها ستظل تعتمد على شريك بات التزامه محل شك أكبر من أي وقت مضى.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.