فراق باحترام
الهادي الصادق محمد نور
في أي تحالف أو تنسيق أو جبهة، يتكون جسم تنظيمي تلتقي مكونات ذلك الجسم حول برنامج حد أدنى. هذا ما كان من “تقدم” كتحالف قام على مناهضة الحرب، والعمل على إيقافها، والبحث عن سبل لاستعادة الحكم المدني والعملية الانتقالية. تواصل ذلك التحالف مع طرفي الحرب وقدم لهما رؤية محددة؛ رحب الدعم السريع بتلك الرؤية ورفضتها قيادة القوات المسلحة. لم يكن أمام “تقدم” سوى أن تواصل التفاهم مع الطرف الذي قبل المبدأ. أما الطرف الذي رفض طرح “تقدم” فقد عمل على دمغها بأنها الجسم السياسي للدعم السريع كوسيلة لعزل القوى السياسية. وعمل داعمو الحرب على تخوين قيادة ومكونات “تقدم”.
الآن وصل ذلك التحالف إلى مفترق طرق، ويمكننا أن نقرأ ثلاث شواهد:
- الشاهد الأول:
كقوى سياسية، أثبتت “تقدم” أن الخلاف السياسي -وهو أمر حتمي وإلا لكان هناك تنظيم سياسي واحد- يمكن أن يكون خلافًا متحضرًا لا تُزهق فيه أرواح ولا تُدك فيه منازل المواطنين على رؤوسهم. هذا ما كان يردده قادة “تقدم”، ولم يصاحب الفراق أي مهاترات أو تبادل اتهامات.
- الشاهد الثاني:
الموقف الرافض لتكوين حكومة في المناطق التي تخضع لسيطرة الدعم السريع، نزع أي مشروعية لاتهام “تقدم” بأنها الجناح السياسي للدعم السريع. وعلى الذين كانوا يروجون تلك الفرية الاعتذار لـ”تقدم” إن تبقى لهم شيء من ضمير.
- الشاهد الثالث:
هذا الموقف يعزز من الجبهة الرافضة للحرب، ويقدم خيارًا متحضرًا للمجتمع الدولي كطريق ثالث مقبول وذو مصداقية.