اعلان ماس فيتالس

نهاية حرب، هي بداية حلم ووعد؟! (1)

  • عين على الحرب

الجميل الفاضل

ينصحني ناصحون مشفقون من مغبة التورط والمجازفة بالغوص والاستغراق في النظر إلى ما وراء حجب ما هو إلى الآن غيب.

إذ إن من يقول بمثل تصوراتي لمستقبل السودان، لا بد أن يُتهم أول ما يُتهم في عقله.

 

على أي حال، فقد قال متفكر كبير في الشأن السوداني: “إن حب السودان، من حب الله”.

وهو قول يتوافق، أو يتواكب على الأقل كما أعتقد، مع قول الرسول الكريم (ﷺ) بأن استكمال ثُلّة الإسلام لن يتحقق إلا بالاستعانة بأناس من السودان.

 

إذن فإن مقتضى الحال يقول إن هذا السودان الضعيف حاليًا، لا بد أن يصبح قويًا بما يؤهله لأن يكون محل استعانة أمة الإسلام في وقت ما.

فبمنطق الأشياء البسيط، فإن شرط الاستعانة عمومًا، يقتضي قوة في المستعان به، إذ لا توجد استعانة بضعيف في هذا الوجود، وبالتالي فإن شرط استكمال ثُلّة الإسلام هو وجود سودان قوي يحقق شرط الاستعانة به وفق منطوق النبي (ﷺ).

 

فالسودان القوي سيكون هو – لا محالة – بمثابة اللبنة الأخيرة لاستكمال ثُلّة هذا الدين، الذي سيظهره سبحانه وتعالى على الدين كله في كوكب الأرض.

وحينها، سيكون السودان – وفقًا لما توصَّل إليه أو قل استخلصه هذا المتفكر السوداني محمود محمد طه – برغم ضعفه البادي، وبؤسه الذي لا يخفى، وعلى علّاته الراهنة كلها، هو نفسه مركز دائرة الوجود برمته.

 

وهو قول استدرك الأستاذ محمود بالقول عليه، إنه يجب ألا يُهوّل، بالقياس إلى حال ووضع السودان الحالي.

 

لكن يظل السؤال: كيف يمكن لهذا السودان أن يخرج من حالة ضعفه وتضعضعه وهشاشة تكوينه، مع صورة البؤس والخور التي هو عليها، والتي بلغت ذروتها بحرب “الإخوان المسلمين” هذه؟

هذه الحرب، التي في ظني أن نهايتها ستفتح الطريق لحلم السودان الجميل، ولعهده الأجمل.

 

هذا العهد، الذي أتصور أنه سيكون على رأسه امرأة أو رجل يمتلك القدرة على أن يفكر، وشجاعة أن يقول كما يفكر، وجاهزية أن يعمل كما يقول ويفكر. هو فقط سيكون الشخص المطلوب لحكم السودان في مثل هذه الظروف والأوضاع التي نعيشها، لتحقيق غاية هذا الحلم الكبير.

 

وبالطبع، يخامرني أن رجلًا أو امرأة يكون هو أو تكون هي في كامل إهاب المسؤولية، وعلى أهبة الاستعداد لها، ليتحمل كل ما يترتب على أفكاره، وأقواله، وأعماله، من نتائج وتبعات.

وأن يكون هو أو هي، قابلًا ومستعدًا تمامًا وعلى الدوام، للمحاسبة على حصائد أفكاره وأقواله وأعماله، صغرت أو كبرت، بل ولدفع كافة أثمانها مهما بلغت، عن قناعة ورضا، ودون تهرب، أو تردد، أو تبرُّم، وبلا وجل أو أدنى خوف.

 

أتصور أن نوع هذه المرأة أو الرجل فقط، هو أو هي المؤهل حاليًا لإخراج السودان من وهدته العميقة التي سقط فيها، ومن نفقه المظلم ومتاهته الكبرى، التي يتخبط فيها إلى اليوم على الأقل قيد براثنها في ظل هذه الفتنة.

 

رجلًا أو امرأة، يكون هو أول ما يكون صادقًا مع ربه، ومع نفسه ثانيًا، ثم مع الناس من بعد.

بل إن على أهل السودان طُرًّا، الذين استبدَّ بهم التدليس، والغش، والكذب، أن يعلموا أنه لو لم يصدقوا منذ اليوم في كل صغيرة أو كبيرة، فإن السودان “أرض الصدق” التي وصفها المصطفى (ﷺ) بذلك الوصف قبيل الهجرة الأولى إلى أرضه، لن يكون لهم موئلًا أو موطنًا، طال الزمن أو قصر.

– يتبع –

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.