تقرير سري يكشف أزمات برنامج الأغذية العالمي في السودان: سوء إدارة وتحديات فساد
كشفت وكالة رويترز عن تقرير داخلي حديث لبرنامج الأغذية العالمي، يظهر أن استجابة المنظمة الأممية للأزمة الإنسانية في السودان تعاني من مشكلات معقدة تعوق جهود تخفيف الجوع وتضعف ثقة المانحين في البرنامج. التقرير، المؤرخ في 30 أغسطس/آب، يسلط الضوء على تحديات تتراوح بين نقص التمويل، أهداف غير واقعية، وتفشي الفساد الذي يهدد سمعة البرنامج.
السودان.. مركز الأزمة الإنسانية
وسط صراع مدمر اندلع في أبريل/نيسان 2023، يواجه نحو نصف سكان السودان، البالغ عددهم 50 مليون نسمة، جوعًا حادًا. وتُظهر بيانات التقرير أن المئات يُعتقد أنهم يموتون يوميًا جراء الجوع والأمراض ذات الصلة، مما يجعل السودان أكبر حالة طوارئ تواجهها المنظمة حاليًا.
ويصف التقرير أهداف البرنامج بأنها “مفرطة التفاؤل”، إذ كان من المقرر الوصول إلى 8.4 مليون محتاج، إلا أن التوقعات الواقعية تشير إلى إمكانية تحقيق نصف هذا الهدف فقط بحلول أكتوبر 2024.
مشكلات هيكلية وتحديات فساد
يركز التقرير على مشكلات داخلية، أبرزها تخطيط غير واقعي وارتفاع تكاليف التشغيل، ما أدى إلى ضعف الإنجاز. كما يسلط الضوء على 200 حالة فساد واحتيال في السودان لا تزال قيد التحقيق أو متأخرة. ويقول التقرير إن تأخير التحقيقات “يشكل خطرًا على سمعة البرنامج وفعالية عملياته”.
وأقر نائب المدير التنفيذي للبرنامج، كارل سكاو، خلال حديثه مع رويترز في القاهرة، بأن المنظمة تأخرت في استجابتها للأزمة السودانية، مشيرًا إلى أن تحسين القيادة وتطوير استراتيجيات جديدة ساعدا في إحراز تقدم نسبي.
إصلاحات مطلوبة
وأوصى التقرير بخطة عمل تتضمن مراجعة أهداف المساعدات، إعادة بناء الثقة مع المانحين، وتشكيل فرق تحقيق خاصة لتسريع معالجة قضايا الفساد. لكن التحدي الأكبر يبقى استعادة ثقة الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والبنك الدولي، اللذين يطالبان بإحراز تقدم ملموس قبل تقديم أي دعم إضافي.
سمعة على المحك
يعاني برنامج الأغذية العالمي من انتكاسات متعددة، ليس فقط في السودان، ولكن أيضًا في بلدان أخرى مثل إثيوبيا واليمن، حيث فقدت كميات ضخمة من المساعدات الغذائية بسبب السرقة وسوء الإدارة. هذه المشكلات تهدد مكانة البرنامج، الذي حصد جائزة نوبل للسلام عام 2020 عن دوره في مكافحة الجوع.
بينما تسعى المنظمة لتحسين أدائها في السودان، فإن الأزمة تعكس تحديات أعمق تواجه برامج الإغاثة الدولية. يبقى السؤال مطروحًا: هل يستطيع برنامج الأغذية العالمي إصلاح مساره واستعادة ثقة المانحين، أم أن الجوع سيظل سيد الموقف في بلد تمزقه الحرب؟
تم إعداده للنشر بواسطة فريق الغد السوداني.