اعلان ماس فيتالس

‘تحليل’.. 21 شهراً من الحرب: الاقتصاد السوداني على شفا الانهيار

يدخل الاقتصاد السوداني مرحلة حرجة بعد مرور 21 شهراً من الصراع المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع. الحرب التي بدأت في أبريل 2023 دمرت البنية التحتية، وأوقفت الأنشطة الاقتصادية، وأثرت على القطاعات الرئيسية، مما وضع السودان على حافة الانهيار الاقتصادي وسط تفاقم الأزمات الإنسانية والمعيشية.

تشير تقارير رسمية ودولية إلى أن الناتج المحلي الإجمالي تراجع بنسبة 40% على الأقل منذ اندلاع الحرب، مع تصاعد معدلات التضخم لتصل إلى مستويات قياسية تجاوزت 500%، ما أدى إلى انهيار قيمة الجنيه السوداني وارتفاع تكاليف المعيشة بشكل غير مسبوق.

 

  • القطاعات الاقتصادية تحت وطأة الحرب

الحرب دمرت القطاعات الاقتصادية الرئيسة، إذ توقفت الأنشطة الزراعية في دارفور وكردفان، وهما المنطقتان الأكثر إنتاجاً للمحاصيل في السودان، بسبب النزوح الجماعي وانعدام الأمن. في الخرطوم، شُلت الحركة التجارية، فيما أغلقت معظم المصانع أبوابها، نتيجة نقص الوقود وتوقف الإمدادات.

 

أما قطاع التعدين، وخاصة الذهب، فقد تحول إلى مصدر تمويل رئيسي للأطراف المتصارعة، لكن الاستغلال غير المنظم لهذه الموارد حرم الاقتصاد الوطني من عائدات ضرورية.

 

  • الأزمة النقدية وانهيار الجنيه السوداني

أزمة السيولة النقدية تفاقمت مع رفض قوات الدعم السريع التعامل بالعملة الجديدة التي أصدرها بنك السودان المركزي، ما أدى إلى انقسام نقدي بين المناطق. الجنيه السوداني واصل فقدان قيمته أمام الدولار، حيث وصل سعر الصرف في السوق الموازية إلى 1500 جنيه للدولار الواحد.

 

يقول المحلل الاقتصادي عبد الله عثمان حسين لـ”الغد السوداني”: “الحرب خلقت اقتصاداً موازياً غير خاضع للرقابة. معظم الكتلة النقدية تُستخدم خارج النظام المصرفي، مما يعيق أي محاولات للإصلاح”.

 

  • الركود التجاري ومعاناة الأسواق

مع تصاعد أزمة السيولة، ارتفعت عمولات التحويل النقدي عبر التطبيقات البنكية لتتراوح بين 20% و30%، ما أدى إلى شلل شبه كامل في الأنشطة التجارية. الأسواق في مناطق النزاع تعاني من ركود حاد، فيما يعتمد السكان في بعض المناطق النائية على المقايضة بدلاً من التعامل بالنقد.

 

  • تفاقم معاناة المواطنين

بحسب تقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي، يواجه أكثر من 20 مليون سوداني خطر انعدام الأمن الغذائي، نتيجة تراجع الإنتاج الزراعي وارتفاع أسعار السلع الأساسية بأكثر من 300%.

 

المواطن حسن الدومة من غرب دارفور قال لـ”الغد السوداني”: “نستخدم الفرنك التشادي في التعاملات اليومية لأن الجنيه السوداني لم يعد متوفراً ولا مقبولاً في مناطقنا”.

 

  • آفاق قاتمة ومستقبل مجهول

يبدو أن الوضع الاقتصادي سيزداد سوءاً مع استمرار الحرب وغياب حلول سياسية. وأشار المحلل السياسي عمار سليمان إلى أن “إعادة بناء الاقتصاد السوداني تحتاج إلى سنوات من الاستقرار السياسي وتدفق الاستثمارات، لكن هذا يبدو بعيد المنال في ظل استمرار الصراع”.

 

في ظل هذه الأزمات المتراكمة، يتطلع المواطنون السودانيون إلى حل سياسي يُنهي الحرب ويعيد الثقة بالاقتصاد الوطني، لكن إلى الآن، تبقى هذه الآمال رهينة لأوضاع ميدانية وسياسية غير مستقرة.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.