حين يستفيق الموتى على وقع الأسئلة الكبرى.. “قبرستان”.. رواية تنقّب في القبور بحثاً عن معنى الحياة
في عمله الروائي الجديد “قبرستان.. بُكائيات من ألواح الموتى”، يُحلّق الكاتب والروائي ناصر الحاج في فضاء يجمع بين الواقعية المتأملة والفنتازيا الفلسفية، عبر سردٍ متحرر من الأشكال التقليدية، يتجاوز الحكاية إلى بناء نصّ محمّل بالتأملات الوجودية، والحفر في وعي الفرد والمجتمع والدين والسياسة.
تدور أحداث الرواية كلها في مقبرة للموتى المسلمين في العاصمة الهندية، دلهي، اسمها (قبرستان). بطل الرواية – الراوي- هو شاب سوداني – اسمه صابر- مثقف وخريج كلية الآداب قسم الفلسفة من جامعة الخرطوم، جاء إلى الهند في رحلة استشفاء مع والدته التي تعاني مشاكل في ركبتيها. وصابر بجانب ثقافته واطلاعه الواسع وإلمامه بكثير من القضايا الفلسفية والفكرية والسياسية والأدبية، فهو شخصية مسكونة بكثير من الهواجس النفسية والتنازعات بين الشك واليقين، فضلاً عن التأثيرات المنهجية التي طغت على أساليب تفكيره، بسبب دوران تأملاته وتوهانه، ما بين الوجودية والعبثية والمادية والمثالية وجدل الأديان وهكذا. وقد أثار اكتراثه المفرط لصحته العامة- بسبب تبرعه بكلية لصديقه المقرب عقيل- تخوفه من الموت الفجائي، وهو ما جعله غارقاً في تأمل الموت، وما وراء الموت، وعذابات الروح وتنقلاتها خارج الزمان والمكان.
الرواية عبارة عن بنوراما حوارية مع أرواح الموتى، يحكيها صابر عبر حبكة روائية أساسها قائم على فكرة (الموت التخيلي) الذي عاشها صابر بطل الرواية أثناء زيارته مقبرة قبرستان، واستغراقه التخيلي في شواهد القبور وتغمس الأرواح التي بداخلها. وتعكس الرواية جوانب مهمة من صراعات الأديان والمذاهب والطوائف الفلسفية، كما أنها لا تخلو من ملامسة قضايا الهوية والثورة والحكم والسياسة في السودان، عبر تداخلات السرد الروائي حينما تستيقظ الذاكرة الأبدية للراوي وهو(ميّت)، فيقوم بترجمة أحاسيسه بتلك القضايا السودانية عبر خصائص التداعي الروائي.
تصدر الرواية عن دار باركود للنشر والتوزيع والترجمة، وسوف يتم عرض الكتاب رسمياً خلال معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته القادمة في سبتمر القادم من هذا العام الجاري.
للكاتب رواية اولى تحت عنوان: ذو القرنين.. سِفر الخروج من وادي الطُندب. صدرت في العام 2023 من دار إضافة للنشر والتوزيع في مصر.