اعلان ماس فيتالس

“ترحيب دولي وإقليمي بتعيين رئيس وزراء بالبلاد” .. هل سحَبَ كامل البساط من تحت أقدام حمدوك؟

الغد السوداني: تقرير_خاص

لاتزال تتوالى بيانات الترحيب الدولية والإقليمية بقرار رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان القاضي بتعيين د. كامل إدريس رئيساً للوزراء، لجهة أنه شخصية مدنية ويمكن أن يقود البلاد نحو التحول الديمقراطي، وكانت ذات الجهات داعمة لتولي د. عبد الله حمدوك رئاسة مجلس الوزراء مسبقاً تحت ذات الأسباب..

 

إصدار المرسوم الدستوري

و أصدر رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أمس الأول ، مرسوماً دستورياً بتعيين د. كامل إدريس رئيساً للوزراء، بجانب د.سلمى عبدالجبار المبارك، و د.نوارة أبو محمد محمد طاهر، أعضاءاً بمجلس السيادة. كما وجه الأمانة العامة لمجلس السيادة والجهات المختصة بالدولة بوضع المرسوم الدستوري موضع التنفيذ، إلى ذلك أصدر البرهان قراراً بالغاء إشراف مجلس السيادة على الوزارات الإتحادية والوحدات.

 

إعدادات ما بعد الحرب

يُذكر أن أجرت الحكومة تعديلًا على الوثيقة الدستورية في 19 فبراير الماضي، مما منح مجلس السيادة صلاحية تعيين وإعفاء رئيس الوزراء بناءً على توصية من السلطة التشريعية الانتقالية، والتي تضم مجلسي السيادة والوزراء. كما تم تمديد الفترة الانتقالية إلى 39 شهرًا، تبدأ من 23 فبراير 2025، وهو التاريخ الذي نُشرت فيه التعديلات بالجريدة الرسمية، وذلك في حال عدم التوصل إلى توافق وطني أو إجراء انتخابات جديدة.

ويُشار إلى أن الحكومة السودانية كانت قد أعلنت في الثلث الأول من فبراير الماضي وعلى لسان وزارة الخارجية أن خارطة طريق شملت إجراء تعديلات على الوثيقة الدستورية، واختيار رئيس وزراء مدني لإدارة الجهاز التنفيذي دون تدخل، على أن تعين الحكومة التي تُعلنها الدولة على تجاوز تبعات الحرب، وأفادت الخارجية بأن قيادة الدولة طرحت خارطة الطريق بعد مشاورات واسعة مع القوى الوطنية والمجتمعية، بهدف الإعداد لمرحلة ما بعد الحرب واستئناف العملية السياسية الشاملة.

وأشارت إلى أن الخارطة تضمنت إطلاق حوار وطني شامل للقوى السياسية والمجتمعية، مع الترحيب بالتنظيمات التي تقف موقفًا وطنيًا وترفع يدها عن المعتدين.

 

 

الأمم المتحدة.. حكومة تحقق السلام

وفي رد فعلٍ متوقع من الأمم المتحدة لجهة ترحيبها المسبق بخارطة الطريق منذ إعلانها ، قال المتحدث بإسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إن الأمين العام  يأمل أن يمثل هذا التعيين خطوة أولى نحو مشاورات شاملة تهدف إلى تشكيل حكومة تكنوقراط واسعة التمثيل وتحقق السلام، مشدداً على ضرورة إعطاء الأولوية لجهود التوافق الوطني، وأن تفضي هذه الجهود إلى إحراز تقدم ملموس يعود بالنفع على جميع أبناء الشعب السوداني، بما يشمل إسكات صوت السلاح، وتوفير الخدمات الأساسية لكافة السكان، ووضع الأسس لرؤية مشتركة لمستقبل السودان.

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد التقى مؤخراً عضو مجلس السيادة الفريق إبراهيم جابر على هامش القمة العربية ببغداد حيث أعرب غوتيريش تطلّع الأمم المتحدة لرؤىً إيجابية خاصة خارطة الطريق التي طرحها السودان وإمكانية تطبيقها بالتعاون مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

 

الاتحاد الأفريقي.. خطوة نحو حوكمة شاملة

من جانبه رحب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، محمود علي يوسف، بتعيين كامل الطيب إدريس رئيساً لوزراء جمهورية السودان، مشيداً بالخطوة باعتبارها خطوة نحو حوكمة شاملة، ومعبّراً عن أمله في أن يسهم ذلك بشكل فعّال في الجهود الجارية لاستعادة النظام الدستوري والحكم الديمقراطي في السودان.

ودعا جميع أصحاب المصلحة السودانيين إلى مضاعفة جهودهم من أجل انتقال سلمي، بقيادة مدنية وشامل، يعكس تطلعات الشعب السوداني، مشيراً إلى أن المفوضية تظل مستعدة لدعم السودان في هذا الصدد، بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

وأكد رئيس المفوضية مجدداً التزام الاتحاد الإفريقي الثابت بوحدة السودان وسيادته واستقراره، وسعيه نحو حل سياسي دائم يضمن السلام والتنمية والحكم الديمقراطي لجميع السودانيين بحسب وكالات.

 

الجامعة العربية.. إستعادة عمل المؤسسات

إلى ذلك تلقى تعيين كامل إدريس رئيساً لمجلس وزراء السودان ترحيباً كبيراً من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، حيث اعتبرت هذه الخطوة على أنها “هامة” في سبيل استعادة عمل المؤسسات الوطنية المدنية، وأفاد مصدر مسؤول من الأمانة العامة أن الجامعة العربية ستكثف جهودها لدعم سيادة السودان ووحدة أراضيه. كما ستعزز الاستجابة الدولية لاحتياجات البلاد التنموية والإنسانية، وأكد المصدر عزم الجامعة على “استعادة مسار التحول المدني وإطلاق عملية سياسية شاملة يقودها السودانيون، تضمن مشاركة جميع مكونات المجتمع المدني” بحسب تقارير صحفية.

والجدير بالذكر أن الجامعة العربية شاركت، إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، في اجتماع ثلاثي في بغداد يوم 16 مايو، وهو أول اجتماع مشترك على مستوى رؤساء هذه المنظمات منذ بداية النزاع. يهدف الاجتماع إلى تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الصراع ومعالجة تداعياته السياسية والإنسانية.

 

مراقبون.. الترحيب اعتراف بالسلطة الجديدة

ويرى مراقبون أن تعيين كامل لم يتم بين ليلة وضحاها بل بإتفاق بين السلطات السودانية وأطراف إقليمية ودولية أرادت أن تطوي صفحة الصراع بين العسكريين والمدنيين، وتبدأ صفحة جديدة بقيادة كامل فيما يصبح رئيس الوزراء الأسبق عبد الله حمدوك ماضياً.

ويرى المحلل السياسي الطاهر ساتي أن الترحيب الدولي والإقليمي يعني تغير في مواقف الدول، كترحيب الأمم المتحدة التي تمثل المجتمع الدولي والدول المؤثرة في صناعة القرار في الأمم المتحدة نفسها، وكذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الأفريقي والدول المؤثرة به، قاطعاً بأن هذه الدول تفهمت أصل الأزمة السودانية.

وأوضح ساتي بحديثه لـ”الغد السوداني” أن الترحيب بكامل يعني الترحيب بخارطة الطريق التي اعدتها الحكومة وسلمتها للأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي و وسطاء جدة، منوهاً إلى أن خارطة الطريق عبارة عن برنامج سياسي للفترة الانتقالية يؤسس لمرحلة الإنتخابات.

وأعتبر ساتي، حمدوك جزء من الأزمة وطرف من أطرافها بموالاته لدولة الإمارات ولموالاته الخفية للدعم السريع “على حد قوله”

وأضاف: “الحياد في هذه المعركة بالنسبة للشعب السوداني هي مولاة للعدو لجهة أنها معركة وطنية ومعركة وجود، و حمدوك كان له فرصة ليكون الحكيم الذي يلم الشمل السياسي، لكن من المؤكد أن صفحة حمدوك حقبة وانطوت تماماً”.

 

حمدوك ليس شخصية منافسة لكامل

عبد الله حمدوك رئيس حكومة الثورة الذي تولى منصبه بموجب الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في أغسطس 2019، والمنقلب عليه في أكتوبر 2021، ليعود لفترة زمنية قصيرة تحت راية الإنقلاب العسكري ثم يستقيل بعد تواصل الرفض الشعبي له وعدم الإعتراف بوجوده وسط العسكريين، وظل المجتمع الدولي يدعم حمدوك بعد اندلاع الحرب ويدعم مسعاه لإيقاف الحرب مع مجموعة من المدنيين والحركات المسلحة تحت تحالف تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم”، بيد أنها انقسمت إلى مجموعة اتفقت مع قوات الدعم السريع وأخرى برئاسة حمدوك لاتزال تبحث عن سبل لوقف الحرب.

وفي السياق يرى المحلل السياسي أحمد خليل أن الترحيب الدولي والإقليمي بتعيين رئيس وزراء جديد، زائف، ولايمكن الأخذ به ولا يمكن أن يسحب البساط من تحت حمدوك.

قاطعاً بحديثه لـ”الغد السوداني” بأن حمدوك ليس في منافسة مع كامل إدريس، بل شخصية طرحت برنامج محدد في إيقاف الحرب والآن لم يطرح نفسه بأنه يريد العودة لرئاسة الوزراء ويعمل على إيقاف الحرب فقط “.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.