دورة
اعلان ماس فيتالس

بورتسودان.. إنعدام الخدمات يُشكل إرتدادات سلبية على حياة المواطنين

عاصم إسماعيل

صحفي سوداني

الغد السوداني

خلف قصف مسيرات” الدعم السريع” لمدينة بورتسودان “العاصمة البديلة” فى السودان ارتدادات سلبية على حياة المواطنين، حيث بدات المدينة التى لازالت تحتضن الاف النازحين تعيش اسوأ كارثة اقتصادية وانسانية منذ بدء الهجوم بالمسيرات على المطار والميناء وامتدت الضربات لتصل الى منشات مدنيه داخل المدينة ،ما اثار مخاوف المواطنين الذين بدأوا فى النزوح والخروج من بورتسودان فى وقت اشتدت فيه وطأة الغلاء وانعدام الكهرباء والمياه فى ظل اشتداد درجات الحرارة مع اتخاذ سلطات بورتسودان لحملات مكثفة ضد الباعة الجائلين امتلات بهم سجون المدينة وفقا لروايات شهود عيان.

وبدات المدينة تعيش موجة عطش بسبب الشح الحاد في المياه الصالحة الشرب، وتفاقمت بصورة غير مسبوقة بعد استهداف محطات توليد الكهرباء ما ادى الى انقطاع تام فى الكهرباء مع مضاعفة فى اسعار السلع وتوقف عدد من محطات الوقود بسبب ندرة المواد البترولية العاملة فى المدينة.

استمرار الهجوم بالمسيرات اقلق السكان الذين بدأوا فى النزوح مجددا الى بعض ولايات السودان ودول الجوار فى وقت تدهورت فيه الظروف المعيشية نتيجة توقف الأعمال اليومية لأصحاب المهن الهامشية والمقاهي بقرار من لجنة أمن ولاية البحر الأحمر.

ويقول المواطن بركة اسماعيل ان المدينة تعانى من تذبذب وانقطاع التيار الكهربائي إلى جانب الشح الحاد في مياه الشرب وأزمة الوقود التي أجبرت سائقي السيارات والمركبات العامة على قضاء ساعات طويلة أمام محطات الخدمة، إضافة إلى حركة النزوح من الأحياء المحيطة بمستودعات الوقود الاستراتيجية.

واضاف انعدام الكهرباء اثر فى كثير من المرافق الحيوية زادت اسعار السلع الى الضعف وتضاعفت تعرفة المواصلات وبدأت رغبة المواطنيين فى الخروج من المدينة بقدر الامكان ما اثر على حركة النقل بزيادة الاسعار بصورة كبيرة، وقال لاكهرباء ولا ماء ولاخدمات حيث اصبحت المدينة اشبه بالمهجورة، الغالبية تريد الخروج منها حيث ارتفعت اسعار المياه الصالحة للشرب اضعاف وزاد اصحاب البقالات اسعار المياه بصورة كبيرة واصبح الكل ينتهز الفرصة لزيادة الاسعار بلا رقابة او حتى مواصفات.

يقول ياسر التجانى من سكان مدينة بورتسودان ان برميل المياه وصل الى 30 الف جنيه فى ظل طقس حار تصل درجة الحرارة الى 48 درجة ما اسهم فى ظهور حالات الاصابة بالامراض المختلفة من بينها ضربات الشمس، فضلا عن ارتفاع نسبة الرطوبة، كما ان ارتفاع درجات الحرارة اثر بصورة مباشرة على تقديم الخدمات الصحية للمواطنينن بالمستشفيات مجددة معاناة المواطنيين الصحية .

في حين وضعت السلطات الصحية مؤسسات ولاية البحر الأحمر العلاجية في حال طوارئ لمواجهة الأوضاع الراهنة الناتجة من الهجمات بالمسيرات التي قد تسفر عن إصابات اضافة الى الاصابات الناجمة عن ارتفاع درجات الحرارة.

احد العاملين فى الميناء البري للسفريات فى بورتسودان قال ان اسعار تذاكر البصات ارتفعت بصورة كبيرة حيث تختلف من شركة الى اخرى وهى ليست موحدة نظرا لارتفاع عدد المغادرين من المدينة الى وجهات مختلفة من بينها ولاية نهر النيل وولاية كسلا والجزيرة والقضارف والخرطوم التى باتت تشهد رحلات عكسية منتظمة خلال اليوم الواحد الذى تتحرك فيه اكثر من سبعين سفرية.

فى الاسواق ارتفعت الاسعار وانعدمت بعض السلع نتيجة لتخوف التجار الذين بدأ معظمهم فى نقل بضائعهم الى جهات اخرى فى وقت توقفت بعض شركات الامداد السلعى وامتعنت اخرى عن الاستيراد الامر الذى خلف اثار سالبة على عملية توفر السلع فى الاسواق.

ازمة الوقود بدات تلقى بظلالها على مناحى الحياة العامة فى بورتسودان حيث اغلقت بعض المحطات عملها وما تبقى منها يصطف اصحاب السيارات منذ الصباح املا فى الحصول على وقود، ويقول صاحب احدى السيارات ان محطات الوقود بدأت فى تحديد الكميات المسحوبة للسيارات تخوفا من ظهور سوق سوداء للوقود فى المدينة، ولكنه يرى ان الازمة تسببت في تعطل جزئي بحركة نقل البضائع وزيادة كلفة وتعرفة المواصلات الداخلية والسفرية.

في المقابل، ظلت وزارة الطاقة والنفط تطمئن المواطنين إلى انسياب الوقود بصورة طبيعية، مشددة على أنه “لا يوجد ما يدعو إلى القلق”، وأن “الوزارة تحتفظ بخطة وبدائل مناسبة لتجنب حدوث أزمة وقود في البلاد.
وفى ظل التدهور الكبير فى الخدمات أصدرت لجنة امن ولاية البحر الأحمر قرار بإغلاق المقاهي ومحال أصحاب المهن الهامشية في منطقة السوق الرئيس والمواقع الاستراتيجية في المدينة من أجل تعزيز الامن، ويقول احد الباعة الجائلين نحن نعتمد فى المعيشة على رزق اليوم باليوم بهذا القرار انقطع واصبحنا عاطلين عن العمل، وقال دون سابق انذار بدات السلطات فى مطاردتنا واوقفتنا عن العمل ومن لم يستجب كان مصيره السجن، واضاف ليس لدينا ذنب سوى اننا نعمل فى الاسواق بعد ان نزحنا الى بورتسودان من مناطق الحرب.

اما محى الدين احمد القادم من ولاية القضارف التى نزح اليها من الخرطوم يقول انه استطاع لمدة عامين ان يمتلك دكانا صغيرا فى سوق بورتسودان لمساعدة اسرته التى تسكن فى احدى المدارس وبهذا القرار وفى ظل الاوضاع المعيشية الصعبة ستتفاقم اوضاع اسرته اكثر، وقال نحن أصحاب مهن صغيرة نعتمد في تسيير حياتنا على المكسب اليومي، ورزق اليوم باليوم لا يتيح لنا ادخار أي مبالغ كبيرة تعين على تلبية الاحتياجات اليومية في مثل هذه الظروف.

ويؤكد اقتصاديون ان مدينة بورتسودان الواقعة شرق البلاد كانت تعتبر اخر امل لجموع المواطنيين فى السودان من حيث استمرار الواردات والصادرات ما يؤمن بعض من الحياة للمواطنين والشركات والبعثات الانسانية ونتيجة لتعرض المنشات الحيوية فان ذلك سيفاقم من الاوضاع المعيشية والاجتماعية للمواطنيين .

واشار الخبير الاقتصادي محمد ابراهيم الى ان توقف هذه المنشات الحيوية يعنى تدمير اخر شريان حيوي للاقتصاد السوداني، وتحويل الأزمة من كارثة داخلية إلى عزلة خارجية خانقة وتجعل هذه الهجمات تهديدا مباشرا لبقاء الاقتصاد السوداني. واضاف كل المؤشرات الاقتصادية تفيد بأن الخسائر المباشرة وغير المباشرة الناتجة عن استهداف منشآت الطاقة والموانئ في بورتسودان تُقدّر بمليارات الدولارات، نتيجة تعطل سلاسل التوريد، انهيار سعة التخزين، وارتفاع تكاليف النقل والتأمين والاستيراد الامر الذى ادى الى شلل شبه كامل فى الواردات والصادرات، وهذا بالتاكيد يلقى بظلاله السالبة على الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطنيين، كما سوف تتاثر ايرادات الحكومة بقدر كبير خلال الفترة المقبلة لانها تظل تعمد بصورة كبيرة على الصادرات التى فى طريقها الى التوقف، كما ان الأضرار التي لحقت بها أدت إلى توقف عمليات تفريغ شحنات النفط، ودفعت بأسعار الوقود إلى مستويات قياسية، وهددت بإخراج البارجة التركية التي تمد المدينة بالكهرباء عن الخدمة بسبب انعدام الفيرنس، كما أن استهداف الميناء الجنوبي والمطار الحق اضرار بالبنية التحتية الحيوية.

ويلفت النظر ان مدينة بورتسودان منذ عهدها السابق تظل تعيش تذبذبا فى انقطاع التيار الكهربائي الذى تعتمد فيه بصورة اساسية على امداد البارجة التركية فى البحر وقلة فى المياه الصالحة للشرب فى منذ بداية فصل الصيف الذى يصادف من مايو حتى اكتوبر، وهذا العام تفاقمت الازمة عقب الهجوم الاخير الذى شنته قوات الدعم السريع ما يؤكد ان الحلول لن تصبح قريبة.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.