اعلان ماس فيتالس

 “لام شمسية”.. دراما أزاحت الستار عن المسكوت عنه

بقلم :هبة ختمي

في وقت اعتاد فيه المشاهد على وجبة درامية مكررة كل رمضان، جاء “لام شمسية” ليكسر النمط، ويُشعل النقاش حول قضية شائكة طالما دُفنت تحت ستار العيب والخوف. عمل درامي لا يكتفي بسرد حكاية، بل يصرخ في وجه الصمت، ويضع المجتمع أمام مرآته بكل جرأته وصدق مشاعره.

المسلسل من بطولة أمينة خليل، أحمد السعدني، محمد شاهين، يسرا اللوزي، وصفاء الطوخي، تأليف مريم نعوم، وإخراج كريم الشناوي.

في قلب المسلسل، طفل يتعرض للتحرش. وفي محيطه، عائلة تُصاب بالذهول، وجيران يهمسون، ومجتمع يُفضّل كتم الألم على إعلان المواجهة. “لام شمسية” لا يروي فقط مأساة، بل يفتح ملفًا مسكوتًا عنه: التحرش بالأطفال داخل الدوائر الآمنة المفترضة. الرسالة واضحة: لا أمان إن سكتنا.

عنوان العمل يحمل رمزية بليغة. “اللام الشمسية” هي الحرف الذي لا يُنطق لكنه موجود، تمامًا كالكثير من القضايا المسكوت عنها. العنف، الخوف، الصدمة، كلها تُدفن تحت قشرة الصمت. لكن هذا المسلسل يختار أن ينطق تلك “اللام”، ويقول ما لا يُقال.

أمينة خليل تجسد أمًا مصرية حقيقية، لا بطلة خارقة ولا ضحية باكية، بل إنسانة تنهار وتنهض، تخاف وتقاتل، تبحث عن عدالة لطفلها في مجتمع يتقن التبرير أكثر من الإنصاف.

أحمد السعدني ومحمد شاهين يقدمان شخصيات بأبعاد متباينة: أب مرتبك، ورجل يحاول أن يفهم أكثر مما يحكم، وهو ما أضاف للدراما واقعية مؤلمة.

كريم الشناوي يعرف تمامًا متى يتراجع كمخرج ليترك المساحة للحدث والشخصية، ومتى يتدخل بصريًا ليلتقط لحظة صمت أقوى من ألف حوار. المشاهد لا تُزعجك، لا تبتز مشاعرك، بل تلامسك بهدوء، فتتركك متأثرًا دون أن تدري.

 

الناقدة حنان شومان وصفت “لام شمسية” بأنه “حجر في بركة آسنة”، وأشادت بقدرته على كسر الصمت الفني والمجتمعي تجاه واحدة من أخطر القضايا وأكثرها حساسية. وأكدت أن قوة المسلسل تكمن في دمجه بين الفن الرفيع والرسالة المؤثرة دون ابتذال أو استغلال.

على مواقع التواصل، انقسمت الآراء بين من بكى متأثرًا ومن طالب بأن يُعرض العمل في المدارس والجامعات. مشاهد كثيرة تحولت إلى لقطات مُتداولة، واقتباسات انتشرت كالنار، وأحاديث بين الأمهات والآباء بدأت بعد الحلقات. المسلسل لم يكن مجرد عرض.. بل كان صدمة ووعي.

“لام شمسية” ليس عملًا للمتعة فقط، بل صرخة فنية، وموقف، وتحذير. هو دراما تنحاز للضحايا، تدافع عن الصغار، وتكشف ما نخجل من الاعتراف به. هو دعوة لإعادة تعريف البطولة: في الأم التي لا تسكت، في الأب الذي يصدّق، وفي المجتمع الذي يتوقف عن لوم الضحية.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.