اعلان ماس فيتالس

نداء حمدوك تجاوز لمشروعات التأسيس والتأسيس المضاد والإقصاء المتبادل

  • بقلم: عبدالله رزق أبوسيمازه

رافق مشروع الحكومة الموازية لحكومة الأمر الواقع في بورتسودان، وميثاقها ودولتها ودستورها، رفض ملحوظ في الداخل والخارج، لا يمكن الاستهانة به عند تقدير مصائرها. فهو مؤشر، على الأقل، لعزلتها المستقبلية والصعوبات التي يمكن أن تواجهها في المدى المنظور، والتي قد تنبئ بفشلها الحتمي.

 

وفي ظل حالة الانقسام الماثلة، الناتجة عن الحرب، فإن مشروع الحكومة الموازية وميثاقها ودولتها ودستورها، كوليدة حرب غير محسومة حتى الآن لأي من طرفيها، تُعد بنيتها الفوقية وتجليها السياسي والدستوري، ولا تعبر إلا عن رؤية طرف من الأطراف. كما تشكل، كمشروع انفصالي، عقبة في طريق السلام، إذ تفتقر إلى الإجماع أو التوافق الوطني الواسع، على الأقل، وهو شرط لا غنى عنه لتعزيز الوحدة الوطنية وتماسكها، مما يجعلها تكريسًا للانقسام وأداة من أدواته.

 

ربما كان من الملائم أن يكون للمشروع وملحقاته مكان في طاولة الحوار الوطني كجزء من أجندته، غير أن القائمين على أمره، “تحالف السودان التأسيسي”، ربما أرادوا فرض رؤيتهم كأمر واقع، وقطع الطريق أمام الحوار وأمام المؤتمر الدستوري، على وجه الخصوص، وهو المنبر المقترح منذ انتصار انتفاضة مارس/أبريل عام 1985، لمعالجة القضايا الجوهرية للتطور السياسي للبلاد، بمشاركة كل القوى الوطنية والديمقراطية، وتحقيق أقصى توافق وطني حولها.

 

إن قضايا مثل العلمانية، وعلاقة الدين بالدولة وبالسياسة، والتي ظلت موضوع مناقشات واسعة منذ ذلك الحين ولم تنتهِ بعد، لا يمكن حسمها بفرض رؤية أحادية لطرف سياسي دون الأطراف الأخرى، بما ينطوي عليه ذلك من إقصاء وانتهاك لمبادئ الديمقراطية والتعددية والقبول بالآخر المختلف، سياسيًا وأيديولوجيًا. يتعلق الأمر أيضًا بمسألة تقرير المصير، والوحدة الطوعية، والهوية، وغير ذلك من القضايا التي جرى تناولها والتقرير بشأنها فيما عُرف بـ”دستور السودان الانتقالي (التأسيسي) لعام 2025”.

 

وخلافًا لما انتهى إليه منبر نيروبي من أعمال تأسيسية للدولة والحكومة الموازية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، فإن الأولوية التي تفرض نفسها الآن هي إنهاء الحرب، لا تأجيجها، بالانحياز لأحد طرفيها، بما يعنيه ذلك من وقف لإطلاق النار غير المشروط، وإغاثة المتضررين من الحرب وحماية المدنيين، ومن ثم إطلاق حوار شامل، لا يستثني غير المؤتمر الوطني وواجهاته، لغرض الوصول إلى توافق وطني حول الترتيبات السياسية لاستعادة مسار الانتقال الديمقراطي ذي القيادة المدنية.

 

هذه الرؤية وردت في “نداء السلام”، الذي أطلقه الدكتور عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء الانتقالي السابق، ورئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود)، مطلع هذا الأسبوع. وفي ضوء ذلك، يبدو مشروع الحكومة الموازية وملحقاتها، الذي تتبناه قوى تحالف السودان التأسيسي، تهربًا من مسؤولية وقف الحرب، بالاصطفاف بجانب أحد طرفيها، واستثمار الوضع الراهن في أجندة مغايرة، تهدف إلى خلق واقع جديد، باستباق مساعي وقف الحرب، والتهرب من دفع استحقاقات السلام، كما تتبدى في “نداء السلام”.

 

وهو منحى يتناغم مع توجهات حكومة الأمر الواقع، بتأسيس مضاد يكرّس الديكتاتورية العسكرية. فنداء السلام، الذي ينطوي على خلاصة ما استقرت عليه رؤى القوى الوطنية والديمقراطية كمخرج من أزمة الحرب، ينطلق من موقف مبدئي يرفض الحرب، مثلما يرفض الاصطفاف بجانب أي من طرفيها، متجاوزًا مشاريع التأسيس والتأسيس المضاد والإقصاء المتبادل، عبر خارطة طريق لإنهاء الحرب كأولوية مطلقة.

 

وتتضمن هذه الخارطة لقاءً بين طرفي الحرب، بمشاركة مجلسي الأمن الدولي والأفريقي، والقوى المدنية الديمقراطية، وعبدالعزيز الحلو وعبد الواحد محمد نور.

 

من المتوقع أن يناقش مثل هذا اللقاء مقترحات خارطة الطريق إلى السلام الدائم، وما أهمله “النداء”، مما قد يعد عقبة أمام أي اتفاق، ومنها:

 

“أشواق” فريق البرهان ليكون جزءًا من ترتيبات المرحلة الانتقالية.

“استصحاب” فلول نظام البشير تحت ساتر “المصالحة” و”الحوار الذي لا يستثني أحدًا“.

 

مطالب قوات الدعم السريع، وأهم واجهاتها ممثلة في الحكومة الموازية و”تحالف التأسيس”، وتشمل:

  • الدمج.
  • الشراكة في السلطة الانتقالية.
اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.