
رحيل ملهمة “ظبية المسالمة”.. عزيزة منديل تودع العالم عن 89 عاماً
توفيت السيدة عزيزة آدم منديل، إحدى الشخصيات الملهمة في التراث السوداني، مساء أمس بمدينة نصر بالقاهرة، عن عمر ناهز 89 عاماً. ارتبط اسمها بأغنية “ظبية المسالمة”، التي كتبها الشاعر السوداني الكبير محمد بشير عتيق، وتُعد واحدة من أبرز الأعمال في تاريخ الغناء السوداني.
عزيزة منديل، التي وُلدت لعائلة سودانية مرموقة في مدينة أم درمان، اشتهرت بجمالها الأخّاذ وشخصيتها الفريدة، مما جعلها مصدر إلهام للفنانين والشعراء في حقبة الأربعينيات والخمسينيات. ينحدر نسبها من عائلة يهودية سودانية اعتنقت الإسلام، وكان جدها، التاجر داؤد منديل، شخصية بارزة وصديقاً مقرباً للإمام الصادق المهدي.
عُرفت عزيزة بمساهماتها الاجتماعية والثقافية، وحملت لقب ملكة جمال الخرطوم عام 1958، في فترة تميزت بتعايش وتمازج الثقافات السودانية. وقد ألهم جمالها ورقيها الشاعر محمد بشير عتيق، ليكتب كلمات أغنية “ظبية المسالمة”، التي أصبحت رمزاً للأصالة السودانية والتعايش الاجتماعي.
- “ظبية المسالمة”: أيقونة التراث السوداني
أغنية “ظبية المسالمة” ليست مجرد عمل فني، بل تعد وثيقة شعرية تعكس طبيعة الحياة السودانية في منتصف القرن العشرين. كتبها عتيق بأسلوب شاعري مرهف، وأداها الفنان الكبير خليل فرح، لتصبح واحدة من أكثر الأغاني التي تُغنى حتى اليوم.
تحكي الأغنية عن فتاة جميلة من حي المسالمة في أم درمان، حي عريق اشتهر بتنوعه الثقافي والديني، حيث تميز سكانه من المسلمين والمسيحيين بروح التعايش السلمي. وصف عتيق جمال الفتاة ورقتها بلغة تفيض بالصور البلاغية، واستخدم رمز الظبية ليجسد الرشاقة والجمال.
- إرث خالد
عزيزة منديل لم تكن فقط مصدر إلهام فني، بل كانت رمزاً للجمال والتسامح في المجتمع السوداني. ظلت سيرتها مرتبطة بالأغنية، التي تجاوزت حدود الزمان والمكان، لتصبح جزءاً من الذاكرة الثقافية للأمة السودانية.
توفيت عزيزة بعيداً عن وطنها، لكنها تركت إرثاً خالداً يتحدث عن قصص الحب والجمال في السودان، ويُذكّر بجمال الحياة البسيطة في أم درمان خلال منتصف القرن الماضي.