اصل فكر الاسلام السياسي
بقلم ندى ابوسن
لا لدنيا قد عملنا نحن للدين فداء فليعد للدين مجده او ترق منا دماء او ترق منهم دماء او ترق كل الدماء
هذا هو شعارهم الذي
قد يبدو غريبا و غير مفهوم لمن لا يعرف مدرسة الفكر المتطرف للاخوان المسلمون الذين قتلوا ابناء الشعب السوداني و ما زالوا يقتلونه بدم بارد و دون أدنى وازع من ضمير تم ذلك خلال حكم الاخوان الطويل للسودان و من قبل ذلك ما كان يحدث من ارهاب في الجامعات السودانيه من الطلاب المنتمين للاخوان المسلمين حملة السيخ الى قيام ثورة ديسمبر المجيده و ما صاحبها من اغتيالات ممنهجه للثوار و من ثم مذبحة اعتصام القياده الى حرب الخامس عشر من أبريل التي ارتكبت فيها المذابح الجماعيه و الذبح على الهواء مباشرة على وسائل التواصل الاجتماعي
تورطت جماعة الاخوان المسلمين منذ نشاتها في أعمال العنف بالاغتيالات و التفجيرات و كل الأعمال التي ترتبط بالارهاب
تصادمت حركة الاخوان في مصر مع الرئيس جمال عبد الناصر بعد ان فشلت في السيطره عليه و كان عبد الناصر قد انتمي الى جماعة الاخوان المسلمين في عام ١٩٤٤ و اختلف لاحقا مع بعض الأفكار المتطرفه للجماعه و توجه نحو الفكر القومي العروبي حيث اتهمت الجماعه بمحاوله اغتياله في حادثة المنشيه الشهيره التي تم بعدها حل الجماعه و حكم بالاعدام على المرشد العام للجماعه حسن الهضيبي و اخرين
و في عام ١٩٦٦ تم حكم الاعدام على المفكر سيد قطب بتهمة انشاء تنظيم مسلح و هو صاحب كتاب معالم في الطريق الذي وردت فيه معظم الافكار التكفيريه التي تعتنقها الجماعه و ظلت الجماعه محظوره في مصر الى وقت وفاة عبد الناصر
و في عهد الرئيس السادات قام بالافراج عن اعضاء التنظيم الى ان تم اغتياله من جماعة التكفير و الهجره في حادث المنصه عند احتفاله بنصر أكتوبر١٩٧٣
وانتقل فكر الاسلام السياسي من مصر الى السودان و سميت الجماعه في بداية نشاتها بجبهة الميثاق و اتخذت عدة اسماء فيما بعد منها الاخوان المسلمين و الجبهة الاسلاميه القوميه و التي انقسمت بعد المفاصله التي حدثت بين الجماعة عقب انقلاب الانقاذ بعد تمرد البشير على زعيم الجماعه و مدبر الانقلاب حسن الترابي فانقسمت الجماعه الى المؤتمر الوطني بقيادة البشير و المؤتمر الشعبي بقيادة الترابي و الذي اتخذ من الكذب منهجا للجماعه التي مارست كافة انواع العنف و الارهاب الفكري و الظلم و قهرت الشعب السوداني طوال اربع و ثلاثين عاما عجاف حكمت فيها البلاد
تقوم فكرة الاسلام السياسي على فكرة التكفير المطلق للمجتمعات و تعتبر الجماعه كل بلدان المسلمين في هذا العصر ديار كفر اذ تقول الجماعه انها مجتمعات تعيش في جاهليه اسوا من جاهلية العرب عندما بعث النبي صلى الله عليه و سلم بسبب ان قريش كانت تقر بوجود الله عز وجل مع شركها به لكن المنتسبين للاسلام اليوم حسب زعم الجماعه لا يعرفون حتى معنى( لا اله الا الله ) لذا فان قول الشهاده لا يعد كافيا لتحكم الجماعه لهذه المجتمعات بالاسلام بل يجب ان يرتبط النطق بالشهادة بالكفر بالطواغيط الخمس و كذلك العمل بمقتضى( لا إله إلا الله) التي جاءت مفصله في نواقض الاسلام العشره التي حددها العلماء
كما ان تحاكم المجتمعات المعاصره الى الطاغوط الذي يقدم الكفر به على الايمان بالله في قوله تعالى: ( لا اكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم )256البقره
و في قوله تعالى :
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا )60 النساء
والقرآن ملئ بالكثير من الآيات التي تتحدث عن توحيد الحاكميه و يقصد به أفراد الله عز وجل وحده في الحكم والتشريع
غير ان تفسير ابن عباس رضى الله عنه و هو حبر الامه و عم رسول الله صلى الله عليه و سلم للاية (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) 44 المائده وكذلك الايات التي تلتها (الظالمون والفاسقون) كلها في الكافرين .
قال أنه كفر دون كفر، إذا كان يعتقد أن حكم الله هو الواجب، وأن الحكم بغير ما أنزل الله لا يجوز، ولكن حكم بغير ما أنزل الله لأسباب أخرى، فإنه حينئذٍ يكون فاسقًا وظالمًا وكافرًا، لكنه ظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، وكفر دون كفر؛ لأنه يعرف أنه ظالم، وأنه مخطي، وأنه عاصٍ لله
و مثل هذا ما فعلته حكومة الانقاذ في تعليقها لحدود الله
المسأله بالنسبه للمتاسلمين في السودان ليست التزاما بالدين الذي اتخذوه مطيه و إنما تخضع للمصالح الدنيويه او حسب هواهم و عبر تاريخ حكم الجماعه الطويل للسودان توجد الكثير من الأحداث و الشواهد التي تثبت ان اتباع هذه الجماعه غير ملتزمين بثوابت الدين و يخالفون الكثير من الاحكام الشرعيه في حياتهم الخاصه و العامه و مع ذلك عملوا على إلزام غيرهم بها
اما تكفيرهم للمجتمعات الذي يستحلون به دماء و أموال و اعراض الناس فهم بذلك يشركون بالله في صفه من صفاته جل و علا و هي العلم بالسرائر و هي صفة ليست للبشر بل هي صفه يختص بها الله جل و علا وحده لادعائهم معرفة المؤمن من الكافر و الدليل في حادثه للصحابي أسامة بن زيد – رضي الله عنهما – ( قال بعثنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال لا إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي – صلى الله عليه وسلم – فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : أقال : لا إله إلا الله وقتلته ؟ قال قلت : يا رسول الله إنما قالها خوفا من السلاح قال : أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم قالها أم لا ؟ فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ قال : فقال سعد : وأنا والله لا أقتل مسلما حتى يقتله ذو البطين يعني أسامة قال : قال رجل : ألم يقل الله تعالى : وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله قال سعد : قاتلنا حتى لا تكون فتنة وأنت وأصحابك تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة.
لذا فان ادعاء هذه الجماعه معرفة بما يعتمل في صدور الناس من كفر او ايمان هو شرك خاصة بعد قول النبي صلى الله عليه و سلم :[ افلا شققت عن قلبه]
و هذا ما يفسر استباحتهم لارواح و اموال و اعراض المسلمين و قد ثبت بالأدلة و البراهين فتنة هذه الجماعه في السودان و في كل مكان حكموا فيه و بل اني ادعي ان هذه الجماعه هم الخوارج الذين حدث عنهم النبي صلى الله عليه و سلم
كما ان التكفير لا يتم الا بعد قيام الحجه على من يأتي بقول او فعل يخرجه من المله
كما فعل الإمام أحمد في فتنة الجمهيه القائلين بخلق القرآن و رغم ذلك فان الإمام أحمد لم يكفر بعضهم و صلى خلف ائمتهم
و حتى إذا قبلنا ادعائهم بكفر المجتمعات و جاهليتها اما كان الأجدر بالجماعه العمل على دعوتها عوضا عن العمل فيها تقتيلا و ارهابا و تنفير من الدين
و هل بدا النبي صلى الله عليه و سلم بقتال المشركين ام دعاهم بالحكمه و الموعظه الحسنه
ان كان ما تتبعونه هديه صلى الله عليه وسلم
و في الايه256 من سورة البقره بدا تعالى قوله( بلا اكراه في الدين)
و في آيات كثيره يوجه الله تعالى بان الدين ليس بالإكراه و لا بالعنف و الارهاب و هو القائل( لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )159 ال عمران
و في أية أخرى
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)125النحل
