
من السودان إلى القطب الشمالي.. بذور جديدة تدخل “قبو يوم القيامة”
سفالبارد، النرويج (الغد السوداني) – وسط درجات حرارة تصل إلى 18 درجة مئوية تحت الصفر، استقبل “قبو يوم القيامة” في القطب الشمالي آلاف العينات الجديدة من البذور، في خطوة تهدف إلى حماية التنوع الزراعي العالمي من الأزمات المستقبلية، بما في ذلك الصراعات والتغيرات المناخية.
ويعد القبو، الواقع في أرخبيل سفالبارد النرويجي، أحد أكثر المنشآت أمانًا في العالم، حيث يوفر بيئة مثالية لتخزين البذور لعقود، بل حتى قرون، دون الحاجة إلى طاقة إضافية.
- بذور سودانية ضمن الشحنة الجديدة
في أحدث عمليات الإيداع، استلم القبو أكثر من 14,000 عينة من 21 بنكًا وراثيًا حول العالم، من بينها الذرة الرفيعة من السودان، والفاصوليا المخملية من ملاوي، وأشجار نوردية من السويد، وأصناف مختلفة من الأرز من تايلاند.
وأوضح ستيفان شمتز، المدير التنفيذي لمنظمة Crop Trust، أن هذه البذور “تمثل تراثًا بيولوجيًا هائلًا، يعكس المعرفة والتقاليد الزراعية لمجتمعات بأكملها”، مضيفًا أن حماية هذه البذور تعني تأمين مستقبل الأمن الغذائي العالمي.
- ملاذ آمن ضد الكوارث
أُنشئ القبو عام 2008 ليكون نسخة احتياطية للمحاصيل الأساسية في حال تعرضت البنوك الوراثية الوطنية أو الإقليمية للكوارث، سواء كانت طبيعية مثل الفيضانات والزلازل، أو بشرية مثل النزاعات المسلحة وسوء الإدارة.
ويتم تخزين البذور داخل غرف محكمة العزل، محفورة في أعماق جبل جليدي على ارتفاع يكفل حمايتها حتى في حالة ذوبان الجليد بسبب ارتفاع درجات الحرارة العالمية. وتتم عمليات الإيداع وفق بروتوكولات صارمة، حيث تُحفظ كل عينة داخل عبوات معدنية ثلاثية الطبقات، تمنع الرطوبة وتحمي المحتوى من التلف.
- لماذا سفالبارد؟
اختيرت سفالبارد كموقع للقبو لعدة أسباب، أبرزها:
موقعها الجغرافي الآمن: بعيدًا عن الاضطرابات السياسية والمخاطر البيئية الحادة.
درجة الحرارة المنخفضة طبيعيًا: تحافظ على البذور مجمدة حتى دون كهرباء.
العمق داخل الجبل: يحميه من الزلازل والتغيرات المناخية.
سهولة الوصول: رغم موقعه النائي، يمكن الوصول إليه عبر رحلات جوية منتظمة.
ويُقدَّر أن القبو يمكنه استيعاب 2.5 مليار بذرة من 4.5 مليون نوع من المحاصيل، ما يجعله أحد أهم المنشآت الاستراتيجية لضمان الأمن الغذائي العالمي.
- هل يكون الحل في المستقبل؟
في ظل تفاقم آثار التغير المناخي وزيادة الأزمات السياسية والاقتصادية حول العالم، يرى خبراء أن “قبو يوم القيامة” يمثل صمام أمان لضمان استمرار الإنتاج الزراعي، خاصة في البلدان التي تواجه تحديات كبيرة مثل السودان، حيث تهدد الصراعات والتغيرات المناخية التنوع البيولوجي للمحاصيل المحلية.
وبينما يستمر القبو في استقبال شحنات جديدة، تبقى الآمال معلقة على أن يتمكن العالم من تفادي سيناريوهات كارثية تهدد سلة غذائه، حتى لا تصبح هذه البذور يومًا ما آخر ما تبقى من التراث الزراعي للبشرية.