السودان أمام واقع الانقسام: هل يتكرر سيناريو اليمن أم ألمانيا؟
- (تحليل سياسي)
الهادي الصادق محمد نور
تدخل الأزمة السودانية مرحلة جديدة بعد إعلان الحكومة في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وهو ما يكرس واقع الانقسام في البلاد. يبدو أن السيناريوهات المحتملة تشير إلى أن السودان يتجه نحو مسار مشابه لتجارب انفصالية في دول أخرى، لكن بنكهة سودانية خاصة، تعكس تعقيدات المشهد السياسي والاجتماعي.
- الواقع الجديد: زواج على الطريقة الغربية
يشبه الوضع في السودان “الزواج على الطريقة الغربية”؛ حيث يحدث التعايش والانفصال دون الحاجة إلى إعلان رسمي، لكن مع انتظار الوثيقة الرسمية التي قد تُعلَن في أي لحظة. ومع التسريبات حول إعلان الحكومة في مناطق الدعم السريع، يصبح الانقسام أمراً واقعاً، ولا يعود الحديث عن “إذا” بل “متى” سيحدث الإعلان الرسمي.
- تجارب سابقة: هل يعيد التاريخ نفسه؟
في التاريخ الحديث، نرى أن معظم الدول التي انقسمت قسراً لم تتوحد مرة أخرى إلا في حالات نادرة، مثل ألمانيا بعد زوال القسر. أما في حالات أخرى مثل اليمن، فقد تم التوحد قسراً بعد حرب. لكن السيناريو السوداني يبدو مختلفاً، حيث لا تلوح في الأفق بوادر لوحدة قسرية، بل يُحتمل أن نشهد إعلاناً رسمياً للانفصال يتبعه طريق شائك من القضايا المعقدة.
تحديات ما بعد الإعلان: حدود وجنسية ودين قومي
لا يتوقف الانقسام عند إعلان الوثيقة، بل سيتبعه مسار طويل من التفاوض حول:
* الجنسية: هل سيتم منح الجنسية المزدوجة أم ستفرض خيارات قسرية على المواطنين؟
* الحدود: كيف سيتم ترسيم الحدود في مناطق النزاع التقليدي؟
* الدين القومي: كيف سيتم توزيع الديون الوطنية بين الدولتين؟
هذه الملفات ستكون محور صراع طويل، ما لم يتم الاعتراف بالدولة الجديدة من قبل الدولة الأم أو ينتهي الأمر بوحدة قسرية.
السيناريوهات:
* الاعتراف بالدولة الجديدة: يؤدي هذا إلى فتح ملفات الجنسية والحدود والدين القومي على طاولة التفاوض الدولي.
* استمرار الحرب: قد يستمر الصراع بين الانفصاليين والوحدويين، ما يعمق الانقسام ويؤدي إلى حالة من الفوضى طويلة الأمد.
* الوحدة القسرية: وهو سيناريو أقل احتمالاً في ظل غياب رغبة أي من الطرفين في التنازل.
- السودان إلى أين ؟
يبدو أن السودان قد تجاوز نقطة اللاعودة، وأن الانقسام بات أمراً واقعاً، حتى لو لم يُعلَن بشكل رسمي بعد. السيناريوهات المقبلة تعتمد على كيفية إدارة ملفات ما بعد الإعلان، والتي ستحدد مستقبل السودان بشكل جذري.