من دارفور إلى الكفرة: رحلة اللاجئين السودانيين من الموت إلى المجهول

الكفرة، (خاص) الغد السوداني – مع استمرار الحرب المستعرة في السودان منذ أبريل 2023، تتفاقم أزمة النازحين السودانيين الذين لجأوا إلى ليبيا بحثًا عن ملاذ آمن. في مدينة الكفرة، التي أصبحت محطة عبور رئيسية، تتجلى مآسي هؤلاء اللاجئين بوضوح، خاصة مع ظروف الشتاء القاسية وضعف الموارد المتاحة.

 

أرقام مقلقة ومعاناة متزايدة

وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تجاوز عدد اللاجئين السودانيين في ليبيا 210 آلاف منذ أبريل 2023، منهم نحو 65 ألفًا عبروا إلى ليبيا عن طريق مدينة الكفرة بمعدل 300 إلى 400 شخص يوميًا. في المقابل،

ويلجأ غالبية السودانيين إلى مدينة الكُفرة، الواقعة بجنوب شرق ليبيا، باعتبار القرب الجغرافي، إذ تبعد نحو 350 كم عن أقرب نقطة حدودية سودانية.

تؤكد الجهات المحلية في الكفرة أن الأعداد الفعلية قد تكون أكبر، بسبب صعوبة ضبط الحدود البرية الواسعة بين السودان وليبيا وتزايد أعداد اللاجئين غير المسجلين.

 

في استجابة إنسانية لافتة، قامت القيادة العامة للجيش الليبي في أجدابيا، ممثلة في اللواء 166 مشاة، بنقل النازحين السودانيين إلى موقع جديد بسبب الأمطار الغزيرة التي اجتاحت مخيمهم السابق. كما جُهزت لهم منازل متنقلة (تريلات) لتحسين ظروفهم المعيشية، وهي خطوة لاقت استحسانًا كبيرًا في ظل الظروف القاسية التي يواجهها اللاجئون.

 

رحلة محفوفة بالمخاطر عبر الصحراء

الهروب من السودان إلى ليبيا ليس سوى بداية لمعاناة جديدة. يتحدث لاجئون عن رحلات مليئة بالخطر عبر الصحراء الكبرى، حيث يموت البعض عطشًا أو جوعًا قبل بلوغهم مدينة الكفرة. هذا الواقع يفاقم الضغط على السلطات المحلية التي تواجه تحديات اقتصادية وصحية كبيرة.

 

عبد الله سليمان، المتحدث الرسمي لبلدية الكفرة، أكد أن المدينة تستقبل آلاف اللاجئين يوميًا، مشيرًا إلى أن المساعدات المتوفرة، والتي تبلغ نحو 5000 حصة غذائية، تكاد لا تكفي لتغطية احتياجات الجميع. ومع اقتراب فصل الشتاء، تزداد المخاوف من تأثير البرد القارس على اللاجئين، خاصة في ظل غياب دعم دولي كافٍ.

 

بين الأمل واليأس

خديجة، شابة سودانية من دارفور، تسرد قصة رحلتها المؤلمة: “هربت من قريتي بعد أن دمرتها الحرب، ووصلت إلى ليبيا بعد معاناة طويلة في الصحراء. اليوم، أعيش بلا وثائق ولا أمل، أتنقل بين الشوارع بحثًا عن الأمان”.

 

قصة خديجة ليست فريدة، بل تعكس واقع آلاف السودانيين الذين يجدون أنفسهم عالقين في ليبيا بين مطرقة الحرب وسندان المعاناة اليومية. ومع تزايد أعداد اللاجئين يوميًا، يبدو أن الأزمة مرشحة للتفاقم ما لم تتدخل المنظمات الدولية والحكومات بشكل أكثر فعالية.

 

تحديات إنسانية مستمرة

تزايد أعداد اللاجئين السودانيين في ليبيا يضع ضغطًا كبيرًا على الموارد والبنية التحتية الضعيفة أصلًا. ومع توقعات بارتفاع العدد إلى 149 ألف لاجئ بحلول نهاية 2024، تصبح الحاجة إلى حلول مستدامة أكثر إلحاحًا.

 

في مواجهة هذه الأزمة، تبقى آمال اللاجئين معقودة على مستقبل مجهول، سواء عبر الوصول إلى أوروبا أو العودة إلى وطنٍ آمن، لكن الواقع الحالي يكشف عن عالم يعجز حتى الآن عن توفير أبسط مقومات الحياة لهؤلاء الفارين من الموت.

 

 

اللاجئون السودانيون، الحرب في السودان، الأزمة الإنسانية، الكفرة ليبيا، المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، تدفق اللاجئين، معاناة النازحين