سمات ومؤشرات موازنة الطوارئ 2025: تحديات لا تُحصى في ظل اقتصاد منهك

(تحليل) 

محمد نور كرم الله

أعلنت وزارة المالية السودانية عن موازنة الطوارئ لعام 2025 وسط ظروف اقتصادية ، سياسية واجتماعية شديدة التعقيد ناجمة عن الحرب المستمرة لقرابة العامين. وعلى الرغم من أن مؤشرات الموازنة تحمل سمات وأهدافًا طموحة من الناحية النظرية، فإن تطبيقها العملي يبدو محفوفًا بالصعوبات نتيجة الانكماش الاقتصادي الحاد، وتآكل البنية التحتية، وتراجع الإيرادات، وانعدام الاستقرار.

 

التحديات الكبرى التي تواجه تنفيذ موازنة الطوارئ

1. تحديات الإيرادات العامة:

الحرب المستمرة أدت إلى تدمير القطاعات الإنتاجية الأساسية (الزراعة، الصناعة، والخدمات)، مما تسبب في انكماش الناتج القومى المحلي الإجمالي بنسبة تصل إلى اكثر من 40%.

 

تقلصت الإيرادات الخارجية التي كانت تشكل أكثر من 30% من إجمالي الدخل العام، نتيجة فقدان السودان لدعمه الدولي وتعليق القروض والمساعدات.

 

2. التحديات الأمنية والجغرافية:

تفقد الحكومة سيطرتها على 70% من مساحة البلاد، مما يجعل بسط نفوذ وزارة المالية على المال العام شبه مستحيل.

 

الانفلات الأمني وغياب الرقابة يضعفان القدرة على مكافحة الفساد وتعزيز الجهد الضريبي ، خاصة فى ظل غياب او ضعف شبكة الإتصالات ، النقل والكهرباء.

 

3. التضخم وسعر الصرف:

طباعة النقود دون غطاء لتعويض العجز المالي أدى إلى زيادة الكتلة النقدية وتفاقم التضخم، حيث تجاوزت قيمة الجنيه السوداني 3000 مقابل الدولار من ٤٥٠ جنيه مقابل طل دولار مع بداية الحرب فى ١٥ أبريل ٢٠٢٣

 

اما خطة السيطرة على سعر الصرف باستبدال العملة تبدو غير واقعية في ظل فقدان الاحتياطات النقدية ، تقسيم الدولة وهروب رأس المال للخارج.

 

 

4. تراجع الإنفاق على الخدمات الاجتماعية:

لا تستطيع موازنة الطوارئ تخصيص دعمًا اجتماعيا للقطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم مقارنة كما حددتها ضمن الاهداف مقابل الإنفاق العسكري الذي يستحوذ على اكثر من 65% من الموازنة.

 

تدهور الأوضاع الاجتماعية مع نزوح أكثر من 25 مليون شخص وارتفاع معدلات الفقر الى ٨٠% يفاقم الأزمة الإنسانية.

الآثار المحتملة لسياسات ومؤشرات الموازنة على بقية الهياكل وأهمها؛

 

الاقتصاد: استمرار انكماش الاقتصاد الكلي مع ضعف الموارد المحلية وغياب الموارد الاجنبية سيزيد من العجز المالي ، الميزان التجارى واداء المصارف والسياسات النقدية مما يفاقم أزمة العملة المحلية

 

الاستقرار السياسي: التركيز على اولويات تمويل الحرب بدلًا من استعادة مؤسسات الدولة قد يعمق الصراعات ويؤجل أي حلول سلمية.

 

كيف تتحقق الوعود ؟

وقف الحرب: لا يمكن تنفيذ أي إصلاح اقتصادي دون إنهاء النزاع وعودة الاستقرار السياسي.

 

حكومة انتقالية مدنية: يجب تشكيل حكومة ديمقراطية تحظى بقبول داخلي ودعم خارجي لاستعادة العلاقات الدولية والمساعدات التنموية.

 

إعادة هيكلة الأولويات: التركيز على دعم القطاعات الإنتاجية وإعادة بناء البنية التحتية لخلق فرص عمل وتحقيق الاكتفاء الذاتي.

 

إن اهداف موازنة الطوارئ لعام 2025 لا تعكس التحديات العميقة التي سيواجهها السودان، لكنها تظل مجرد إطار نظري بعيد عن الواقع العملي. بدون خطوات جادة نحو السلام والاستقرار، ستظل هذه السمات مجرد وعود غير قابلة للتحقيق، في ظل استمرار المعاناة الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها الشعب السوداني.