الجنيه السوداني في مهب الريح: أزمة المصارف وتحديات الاستقرار الاقتصادي

بورتسودان – الغد السوداني

يمر القطاع المصرفي في السودان بمرحلة هي الأكثر تعقيدًا في تاريخه الحديث نتيجة للصراع المستمر منذ منتصف أبريل 2023، بين الجيش وقوات “الدعم السريع”. هذه الحرب ألقت بظلالها الثقيلة على المصارف، حيث تعرضت لعمليات نهب وسرقة واسعة النطاق وتدمير ممنهج، مما أدى إلى شلل كبير في أدائها، إضافة إلى تدهور قيمة العملة الوطنية بصورة غير مسبوقة.

 

ضربة مزدوجة للمصارف

كشف بنك السودان المركزي أن 70% من فروع المصارف توقفت عن العمل في المناطق المتأثرة بالصراع، مما أدى إلى انكماش حاد في الخدمات المصرفية، التي أصبحت مقتصرة على نحو 427 فرعًا تعمل في المناطق الآمنة. وفي الوقت الذي يواجه فيه القطاع المصرفي أزمة ثقة من العملاء، فإن الأصول المالية للمصارف، التي كانت تقدر بـ45 تريليون جنيه، باتت مهددة بفقدان قيمتها مع استمرار تدهور الجنيه السوداني، حيث تجاوز سعر صرف الدولار في السوق الموازي حاجز 2500 جنيه.

 

أزمة صرف غير مسبوقة

استقرار أسعار العملات في السوق الموازي خلال الأيام الأخيرة لم يخفف من القلق العام، إذ تتزايد التوقعات بارتفاع جديد في أسعار الصرف مع قرب شهر رمضان. الاضطرابات السياسية والاقتصادية جعلت من الجنيه السوداني عُرضة لتقلبات حادة، حيث تُظهر المعاملات اليومية تفاوتًا كبيرًا بين المناطق المختلفة.

 

تحليل اقتصادي: هل من حلول؟

يرى خبراء الاقتصاد أن الأزمة الحالية ليست مجرد أزمة مالية، بل هي انعكاس لسنوات طويلة من السياسات الاقتصادية غير الفاعلة، إلى جانب الأثر المباشر للصراع الدائر. ويؤكد الخبراء أن استعادة الاستقرار تتطلب جهودًا مشتركة من الحكومة والمجتمع الدولي، بالإضافة إلى تدخلات فورية لدعم القطاع المصرفي وضمان توفير السيولة اللازمة.

 

بناء الثقة

بينما يعيش المواطنون حالة من الترقب والقلق، يبقى الأمل في تحقيق تحسن اقتصادي يعتمد على استعادة الأمن والاستقرار السياسي، مع تنفيذ إصلاحات اقتصادية شاملة. إن استقرار سعر صرف الجنيه السوداني سيكون المفتاح لإعادة بناء الثقة في النظام المصرفي، وخلق بيئة استثمارية جاذبة، تسهم في تخفيف معاناة الشعب السوداني.