السودان في دوامة الحرب: موازنة 2025 بين تمويل الصراع ومعاناة المواطن

بورتسودان – الغد السوداني

 

منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من أبريل 2023 بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، يواجه المواطن السوداني أزمة غير مسبوقة في حياته اليومية. فالأزمة السياسية والعسكرية التي تعصف بالبلاد لم تقتصر على ساحات المعارك، بل أثرت بشكل مباشر على معيشة المواطنين وأدت إلى تفاقم الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.

 

موازنة الحرب: العبء المتزايد على كاهل المواطن

أعلنت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي بحكومة السودان، التي تسيطر عليها القوات المسلحة، عن إجازة سمات وموجهات وأهداف الموازنة العامة للعام المالي 2025، مما أثار تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على تمويل هذه الحرب المستمرة منذ أكثر من عام، في ظل انهيار الاقتصاد وارتفاع معدلات التضخم.

 

الوكيل عبد الله إبراهيم صرح بأن اللجان الفنية بمجلس الوزراء المكلف ناقشت ملامح الموازنة الجديدة، مع إبداء ملاحظات سيتم استيعابها قبل رفعها للقطاعات الوزارية لإجازتها. وفي المقابل، أكد وزير المالية جبريل إبراهيم أن الموازنة الجديدة ستكون “موازنة حرب”، مما يزيد من مخاوف المواطنين حول تأثير هذه الموازنة على الوضع الاقتصادي المتدهور.

 

الإنفاق العسكري على حساب المواطن

منذ الانقلاب العسكري الذي قاده البرهان ودقلو في 25 أكتوبر 2021، والذي أنهى حكومة مدنية انتقالية كانت تهدف لإصلاحات اقتصادية، أصبح معظم الإنفاق الحكومي موجهًا لدعم القطاعين العسكري والأمني، على حساب الخدمات الأساسية التي يحتاجها المواطنون. وتفاقمت الأوضاع الاقتصادية بشكل كبير مع بداية حرب أبريل، حيث لم تُفصح الحكومة عن تفاصيل موازنة الحرب، ما يفتح الباب أمام تكهنات حول أوجه الإنفاق في ظل فقدان الإيرادات نتيجة لتدمير البنية التحتية وفقدان السيطرة على الموارد.

 

تأثير الحرب على الحياة اليومية

الحرب الدائرة في السودان خلفت وراءها أزمة إنسانية كبيرة، حيث يعاني المواطنون من نقص في السلع الأساسية، وارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية. وأدى استمرار الصراع إلى نزوح مئات الآلاف من السودانيين إلى مناطق أكثر أمانًا، مثل بورتسودان، بينما يواجه الباقون في مناطق النزاع صعوبات يومية في الحصول على الاحتياجات الأساسية.

 

ومع اقتراب نهاية العام 2024 واستعداد الحكومة لإقرار موازنة جديدة لعام 2025، يزداد الغموض حول مستقبل الاقتصاد السوداني، خاصة في ظل استمرار النزاع وانعدام أفق سياسي واضح للحل. الأمل ضئيل في تحسن الأحوال المعيشية للمواطن السوداني في ظل استمرار تخصيص الجزء الأكبر من الميزانية للقطاع العسكري، مما يترك المواطن العادي يدفع ثمن الصراعات التي لا نهاية لها.