رحيل الشاعر والدرامي هاشم صديق: قصة نجم سقط عن سماء السودان

هاشم صديق: القطار الذي خرج عن الخريطة وأثرى المسرح السوداني

كتب: مصعب عبد الحميد

في ليلة حزينة، ودّع العالم العربي رمزاً من رموز الأدب والمسرح السوداني. رحل هاشم صديق، الشاعر والدرامي القدير، بعد معاناة طويلة مع المرض. كان ذلك في ليلة صامتة بمدينة أبو ظبي، حيث وارى جثمانه الثرى بمقابر بني يأس يوم الأحد الموافق 10 نوفمبر 2024.

وُلد هاشم صديق في أم درمان عام 1957، حيث بدأ مشواره الأدبي والفني. تخرج من المعهد العالي للموسيقى والمسرح عام 1974، ثم واصل دراسته في المملكة المتحدة بمدرسة East 15 للتمثيل والمسرح. بعد عودته، عمل أستاذاً ومحاضراً في المعهد حتى عام 1995، حيث ترك بصمة لا تُنسى في أجيال من الطلاب.

رحيل نجم المسرح والشعر السوداني

لم يكن هاشم صديق مجرد شاعر وكاتب مسرحي، بل كان رمزاً ثقافياً ساهم في تشكيل وجدان الشعب السوداني. لمعت أعماله المسرحية مثل “أحلام الزمان” و”نبته حبيبتي” التي حازت على جوائز مرموقة، بالإضافة إلى أشهر أغانيه التي تغنى بها كبار الفنانين السودانيين مثل محمد الأمين ومصطفى سيد أحمد.

هاشم صديق تعرض خلال مسيرته لضغوط كبيرة من الأنظمة الحاكمة؛ إذ مُنع من نشر مسلسله “الحراز والمطر” عام 1979، وأوقف “الحاجز” في عام 1984 بسبب جرأته في التعبير عن قضايا سياسية واجتماعية. ورغم ذلك، لم يتوقف عن الكتابة والنضال بالكلمة.

إرث خالد وشهادات عن الوطن

مع رحيل هاشم صديق، يتذكر الجميع إرثه الثقافي الذي يتضمن أكثر من عشرة دواوين شعرية منها “أنا شُفت يا بت في المنام” و”الغريب والبحر”. كان له دور كبير في تعزيز الهوية السودانية عبر أوبريت الملحمة، الذي ارتبط بذكرى ثورة أكتوبر السودانية.

تقول كلماته المخلدة:

“يوم في يوم غريب
فيهو الشمس لمّت غروبها وسافرت”.

وداعاً هاشم… القطار الذي خرج عن الخريطة

أبو ظبي كانت المحطة الأخيرة للقطار الذي حمله عبر سنوات من الإبداع والمقاومة. سقط القطار، لكنه ترك وراءه إرثاً أدبياً خالداً في ذاكرة الوطن. رحل هاشم صديق، لكنه سيبقى دائماً حاضراً من خلال كلماته وأعماله التي أضاءت سماء المسرح والشعر السودانيين.