مبادرات شبابية تقاوم الجوع في السودان بالبليلة العدسية

وسط تحديات معيشية خانقة وانعدام الأمن الغذائي نتيجة الحرب في السودان، تبرز “البليلة العدسية” كوجبة إنسانية أساسية تساهم في إغاثة آلاف السودانيين المتضررين. هذه الوجبة، التي كانت تُعتبر وجبة رمضانية شعبية، تحولت إلى الخيار الوحيد المتاح للكثيرين الذين يعيشون أوضاعاً صعبة من شح الغذاء بسبب الصراع في الخرطوم والولايات السودانية الأخرى.

البليلة العدسية تتميز بقدرتها العالية على الإشباع واحتوائها على نسبة كبيرة من البروتينات والفيتامينات الضرورية، حيث تعتمد على العدس كمكون رئيسي وتُطهي بالماء والملح فقط على مواقد الفحم. يمكن تناولها بسهولة سواء باليد أو مع الخبز إن وجد، وهي وجبة اقتصادية تساهم في مواجهة أزمة الجوع المستمرة.

يُشارك مصطفى محمد، أحد المتطوعين في المبادرات الشبابية لتوزيع البليلة، قصته لـ«الغد السوداني» عن كيفية اختيار هذه الوجبة المغذية. يشير إلى أن البليلة ليست مجرد طعام بل هي حل غذائي موصى به من قبل الأطباء لعلاج أمراض مثل فقر الدم والملاريا. ويضيف أن هذه المبادرات، التي تُنفذ بإمكانيات محدودة، أصبحت مصدر حياة رئيسي للكثيرين ممن يعتمدون عليها في ظل انقطاع الموارد الغذائية الأخرى.

في مناطق مثل الخرطوم، يستفيد السكان من هذه المبادرات التي تجسد روح التراحم والتكافل الاجتماعي. يُعبر الطيب سيد أحمد، أحد السكان المحليين، في حديثه لـ«الغد السوداني» عن امتنان سكان العاصمة لهذه الجهود قائلاً: “نشهد الآن زمن اقتسام اللقمة”، مؤكداً على أهمية هذه المبادرات في تعزيز الوحدة الاجتماعية في مواجهة الأزمة.

على الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها هذه المبادرات، تواجه تحديات كبيرة بسبب ارتفاع أسعار العدس، حيث بلغ سعر الكيلو الواحد أكثر من 25 ألف جنيه سوداني، إن تمكن السكان من الحصول عليه، وهو ما لا يقل عن دولار واحد. ورغم هذه الصعوبات، تؤكد فاطمة محمد، إحدى المشاركات في إعداد الوجبات في إفاداتها لـ«الغد السوداني» على أن الشابات والشباب ملتزمون بمواصلة هذا العمل الإنساني حتى في ظل ارتفاع التكلفة، مشيرة إلى أن دعم المجتمع المحلي والدولي كان حاسماً في استمرار هذه المبادرات.

تأتي البليلة العدسية كرمز للصمود والأمل في وقت الشدائد، حيث تظل مصدر حياة للآلاف من السودانيين الذين يعيشون في ظروف الحرب الصعبة، وتعكس هذه المبادرات الشبابية قوة التضامن في وجه التحديات.