عام 2026 سنة أخرى لصالح المعادن الثمينة..!! الذهب يستعيد بريقه ومزيد من الضعف للعملة الأمريكية

متابعة/ محمود عابدين
بعد أداء مخيب للامال، تراجع الدولار بما نسبته 9% مقابل سلة عملات رئيسية خلال العام المنصرم 2025، مسجلا” أسوأ أداء له خلال ثماني سنوات. ويتوقع المستثمرون المزيد من الضعف للعملة الأمريكية خلال العام الجديد 2026م.
يعزى ضعف الدولار خلال العام 2025، إلى تراجع الفارق في أسعار الفائدة مقارنة بالعملات الكبرى الأخرى، إلى جانب المخاوف بشأن العجز المالي الأميركي وعدم اليقين السياسي. وحسب توقعات المستثمرين، ربما تواصل العملة الأمريكية انخفاضها مع تعافي النمو العالمي وتخفيف «المركزي» الأمريكي سياساته النقدية. هذا فيما قد تعكف البنوك المركزية الكبرى على تثبيت سياساتها أو تشديدها «رويترز».
تستند توقعات ضعف الدولار إلى توقع انخفاض الميزة النسبية للنمو الأميركي مقابل تعافي الاقتصادات الكبرى الأخرى. يقول مدير محفظة في «برانديواين غلوبال»، أنوجيت سارين: «ما يميّز هذه المرة أن باقي العالم سينمو بوتيرة أسرع العام المقبل». فيما يرى مدير استراتيجية الدخل الثابت والعملات في شركة «أموندي» الأوروبية، باريش أوبادهيايا: «عندما يبدأ بقية العالم الظهور بشكل أقوى من حيث النمو، يكون ذلك مؤيداً لاستمرار ضعف الدولار».

على صعيد آخر، تدخل المعادن الثمينة عام 2026 بزخم قوي بعد مكاسب تاريخية حققتها في 2025، حيث ارتفع الذهب بأكثر من 72%، والفضة بأكثر من 174%، مسجّلاً بذلك أقوى مكسب سنوي للذهب منذ نحو 46 عاماً.
هذه القفزات جاءت في ظل بيئة عالمية شديدة التقلب، تميّزت بتصاعد الصراعات الجيوسياسية وتزايد الضبابية الاقتصادية، ما دفع المستثمرين بقوة نحو الملاذات الآمنة. لم يقتصر هذا الأداء الاستثنائي على عام واحد، إذ تفوق الذهب منذ عام 2020 على أداء مؤشر S&P 500، بعدما صعد بأكثر من 130% مقارنة بنحو 85% فقط للمؤشر الأميركي، في دلالة واضحة على التحول البنيوي في سلوك المحافظ الاستثمارية العالمية، وتزايد أهمية الأصول التحوطية مقابل الأصول عالية المخاطر.
في المقابل، استفادت الفضة من طفرة الطلب الصناعي المرتبط بالطاقة الشمسية، والبطاريات، وأشباه الموصلات، ما أدى إلى عجز هيكلي واضح بين العرض والطلب ورفع الأسعار إلى مستويات غير مسبوقة، ممهداً لاستمرار الزخم الإيجابي خلال 2026.
يبدو من خلال ما سبق، أننا عدنا مرة أخرى إلى عصر انتعاش المعادن. حيث يدخل الذهب، وفقا للمحللين الاقتصاديين العام 2026 مدعوماً بمجموعة من المحركات البنيوية التي تضعه في قلب مشهد التحوط العالمي. حيث تحولت عمليات الشراء المستمرة من البنوك المركزية إلى عامل دعم استراتيجي دائم، بعدما كانت تُعد سلوكاً دورياً، خصوصاً منذ تجميد الأصول الروسية في 2022، ما أعاد طرح تساؤلات جوهرية حول مخاطر الاعتماد المفرط على الدولار كعملة احتياط وحيدة. تقول التقارير الاقتصادية المنشورة ان البنوك المركزية راكمت أكثر من 1,000 طن من الذهب سنوياً خلال الأعوام الثلاثة الماضية، مقارنة بمتوسط يقارب 600 طن فقط خلال العقد السابق، في إشارة واضحة إلى إعادة هيكلة النظام الاحتياطي العالمي.
وتبرز الصين كأحد أبرز اللاعبين في هذا التحول، حيث سجّل بنك الشعب الصيني 13 شهراً متتالياً من مشتريات الذهب حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2025، لترتفع حيازته إلى أكثر من 2,300 طن، تمثل ما يزيد على 8% من إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي.
ويُنظر إلى هذا التوجه على أنه محاولة استراتيجية لتقليص الاعتماد على الدولار، وتعزيز مصداقية اليوان كعملة احتياط مدعومة بأصل مادي يتمتع بالاستقرار والقبول العالمي. كما شهدت الهند أعلى تدفقات تاريخية خلال 2025، ما يمهّد لتوسع إضافي في الطلب الاستثماري، بالتوازي مع تنامي حيازات الذهب في أوروبا والصين، لا سيما في ظل ضعف العملات المحلية.
*السودان*
تكاد هذه الفرصة الذهبية لعودة الذهب إلى الواجهة مرة اخرى، أن تضيع أيضا من السودان المنتج الأكبر للمعدن النفيس في المنطقة. فلو استعاد السودان استقراره وتعامل مع ثروته المعدنية باسس علمية وتخطيط اقتصادي، فسيكون قادرا على اعادة بناء الدولة من دون اي دعم خارجي. ولكن السودان على الدوام دولة الفرص الضائعة في ظل الصراعات العبثية التي تندلع في كل مكان. ومع ذلك يبقى الأمل كبيرا في عودة الوعي الجمعي واستعادة زمام المبادرة من جديد.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.