
اتهامٌ ينفجر في قلب التفاوض: موسكو تقول إن مقر بوتين تعرّض لهجوم وكييف تنفي
الخرطوم، الغد السوداني – في تصعيد سياسي وإعلامي جديد يهدد مسار المفاوضات الهشّة، تبادلت موسكو وكييف الاتهامات عقب إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف تعرّض مقر إقامة الرئيس فلاديمير بوتين لهجوم بطائرات مسيّرة، وهو ما نفاه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جملةً وتفصيلاً، بينما قال الكرملين إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أبدى “صدمة” بعد إطلاعه على رواية موسكو. ويأتي هذا التطور في لحظة إقليمية ودولية حساسة، مع محاولات أميركية لإحياء مسار تفاوضي يضع حدّاً للحرب الأكثر دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
اتهم لافروف، اليوم الاثنين، أوكرانيا بتنفيذ “هجوم إرهابي” بطائرات مسيّرة استهدف مقر إقامة الرئيس الروسي في مقاطعة نوفغورود، مشيراً إلى أن منظومات الدفاع الجوي الروسية أسقطت جميع المسيّرات قبل وصولها إلى أهدافها. ونقلت وكالة “تاس” عن لافروف قوله إن موسكو حدّدت على ضوء الحادثة هدف وتوقيت “الردّ الروسي”، مؤكداً أن الاتهام سيؤثر مباشرة في موقف بلاده من المفاوضات الرامية إلى إنهاء الحرب.
وأضاف الوزير الروسي أن الهجوم المزعوم يعكس، وفق تعبيره، “تصعيداً متعمّداً” من جانب كييف، محذّراً من أن موسكو ستعيد تقييم مقاربتها السياسية والعسكرية إذا تكررت مثل هذه العمليات.
زيلينسكي: أكاذيب لتقويض التفاوض
في المقابل، نفى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الاتهامات الروسية، واصفاً إياها بـ”الأكاذيب”، ومتهماً موسكو بالسعي إلى تقويض التقدّم الذي أحرزته المحادثات الأوكرانية–الأميركية. وقال زيلينسكي إن روسيا تستخدم “التصعيد الإعلامي والعسكري” كورقة ضغط على مسار التفاوض، محذّراً من استعدادات روسية لتنفيذ ضربات محتملة تستهدف مباني حكومية في العاصمة كييف.
ودعا زيلينسكي الولايات المتحدة إلى التحرّك العاجل واتخاذ موقف واضح لردع أي تصعيد، مؤكداً أن بلاده متمسكة بخيار الحل السياسي القائم على ضمانات أمنية حقيقية.
ترامب “مصدوم”
على خطّ موازٍ، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنهى اتصالاً هاتفياً “إيجابياً” مع نظيره الروسي بشأن أوكرانيا. وأوضح مستشار الكرملين للسياسة الخارجية يوري أوشاكوف أن ترامب وكبار مستشاريه اطّلعوا بوتين على تفاصيل المفاوضات الجارية مع كييف، مضيفاً أن ترامب أُصيب بالصدمة عندما أبلغه بوتين بتعرّض مقر الإقامة الرئاسي لهجوم بطائرات مسيّرة، وأن الرئيس الروسي حمّل أوكرانيا مسؤولية ذلك.
تباعد المواقف رغم مساعٍ أميركية
ورغم هذه الاتصالات، لا تزال موسكو وكييف متباعدتين بشكل كبير حول قضايا جوهرية، أبرزها التنازل عن الأراضي. فبينما تُبدي واشنطن تفاؤلاً حذراً بإمكانية تحقيق تقدّم جزئي، تتمسك روسيا بمطالبها بالسيادة على مناطق دونباس، إضافة إلى زابوروجيا وخيرسون، إلى جانب شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014، في حين يرفض المجتمع الدولي هذه المطالب ويؤكد سيادة أوكرانيا على تلك الأراضي.
وتطالب موسكو كييف بسحب قواتها من أجزاء من دونيتسك، فيما تصرّ أوكرانيا على وقف القتال على خطوط المواجهة الحالية، وتطرح واشنطن مقترح إنشاء منطقة اقتصادية حرة في حال الانسحاب. وترفض روسيا، في المقابل، وقف إطلاق النار لإجراء استفتاءات على التنازلات الإقليمية.
وفي مؤشر محدود على التقدّم، أعلن زيلينسكي التوصّل إلى اتفاق ثنائي مع واشنطن بشأن ضمانات أمنية لكييف، رغم تصريح ترامب بأن الاتفاق “جاهز بنسبة 95 بالمئة فقط”، ما يعكس هشاشة اللحظة السياسية واحتمالات الانزلاق إلى تصعيد جديد.
