
وزير الصحة في حكومة تأسيس: الفاشر تتجاوز المرحلة الحرجة… وتحسن متدرج في الوضع الإنساني
الخرطوم، الغد السوداني ـ في وقت يرزح فيه السودان تحت واحدة من أعقد الأزمات الإنسانية في تاريخه الحديث، تعود مدينة الفاشر إلى واجهة المشهد، ليس فقط بوصفها ساحة صراع، بل كنقطة اختبار حقيقية لإمكانية فتح الممرات الإنسانية في إقليم دارفور. وصول بعثة أممية رفيعة المستوى إلى المدينة أعاد طرح أسئلة ملحّة حول جدية المجتمع الدولي في تحويل التقييمات الميدانية إلى استجابة فعلية، وسط حديث رسمي من حكومة “تأسيس” عن تحسّن متدرّج في الأوضاع الصحية والإنسانية، مقابل تحذيرات من أن أي تقدم سيظل هشًّا ما لم تُفرض هدنة إنسانية توقف نزيف الحرب وتفتح الطريق أمام الإغاثة.
تمهيد فعلي أم خطوة تقييمية
في ظل أزمة إنسانية خانقة تضرب إقليم دارفور ومناطق واسعة من السودان، أعاد وصول بعثة أممية إلى مدينة الفاشر طرح تساؤلات جوهرية حول ما إذا كانت هذه الخطوة تمهّد فعليًا لفتح الممرات الإنسانية وإدخال فرق الإغاثة والمساعدات إلى بقية المناطق المتضررة، أم أنها ستبقى مجرّد خطوة تقييمية محدودة الأثر.
وكان تحالف السودان التأسيسي “تأسيس” قد أعلن استعداده الكامل للتعاون مع بعثة الأمم المتحدة وكافة المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني، مؤكدًا التزامه بتسهيل مهامها وتمكينها من أداء أدوارها، بما يضمن انسياب المساعدات ووصولها إلى مستحقيها في دارفور وأجزاء واسعة من إقليم كردفان.
ووصل في نهاية الأسبوع إلى الفاشر، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، وفد رفيع من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ودائرة الأمم المتحدة للسلامة والأمن، حيث اطّلع على أوضاع النازحين واحتياجاتهم الإنسانية، واستمع إلى إفادات مباشرة من سكان مراكز الإيواء، وقيّم مستوى الخدمات الأساسية المقدّمة في المدينة.
الخطوة لاقت ترحيبًا دوليًا واسعًا، إذ دعا كبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون الأفريقية والعربية، مسعد بولس، طرفي النزاع إلى قبول هدنة إنسانية فورية دون شروط، معتبرًا أن وصول بعثة التقييم الأممية إلى الفاشر “خطوة يُبنى عليها لتأمين هدنة إنسانية شاملة على مستوى البلاد”.
كما رحّبت دولة الإمارات بالزيارة، مؤكدة على لسان وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي ريم الهاشمي أن هذه الخطوة “مهمة نحو استعادة وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين”، مع التشديد على ضرورة أن يكون هذا الوصول “مستدامًا ومضمونًا ودون عوائق”.
صحة وكهرباء ومياه “هل تبقى أرقام على ورق”
من جانبه، قال وزير الصحة في حكومة تأسيس والناطق باسم تحالف السودان التأسيسي، الدكتور علاء نقد، في حديثه لقناة “سكاي نيوز عربية” ضمن برنامج “التاسعة”، إن الوضع الصحي والإنساني في الفاشر “يشهد تحسنًا مستمرًا”، موضحًا: “كان الوضع حرجًا نتيجة العمليات العسكرية، لكن بعد استقرار المدينة عادت الخدمات الأساسية، بما فيها الصحة والكهرباء والمياه، وعادت الكوادر الطبية التي كانت قد غادرت”.
وأشار نقد إلى أن الاحتياجات لا تزال كبيرة، مضيفًا: “الاحتياجات الإنسانية ليست أرقامًا على ورق، بل صرخة استغاثة من بيوت مهدّمة وخيام نزوح مكتظّة بملايين البشر، والخطر كبير جدًا، وحجم الاستجابة يضع العالم أمام اختبار أخلاقي وتاريخي”.
وأكد أن زيارة البعثة الأممية تمثل خطوة محورية لفتح الباب أمام توسيع العمل الإنساني، قائلًا: “بعد حضور هذه البعثة، سنحاول تغطية جزء كبير من الاحتياجات، خصوصًا في المجال الصحي، وقد خاطبنا منظمات الأمم المتحدة كافة بناءً على تقييم ميداني للاحتياجات في مناطق سيطرة الحكومة”.
وفي ما يتعلق بإمكانية تعميم تجربة الفاشر على بقية المناطق، شدّد نقد على أن ذلك يمثل أحد الأهداف الرئيسية لحكومة تأسيس، موضحًا: “وصول البعثة الأممية إلى الفاشر يمكن أن يكون نموذجًا يُبنى عليه لإيصال المساعدات إلى مناطق أخرى، وحماية المدنيين وإيصال الإغاثة عبر مؤسسات حكومية منظّمة”.
غير أن نقد ربط أي تقدم فعلي بوقف القتال، معتبرًا أن الأولوية القصوى هي فرض هدنة إنسانية، وقال: “نحن نحتاج إلى ضغط عملي وفعلي على الطرف الذي يواصل الحرب ويقف أمام الهدن الإنسانية، لأن إيقاف الحرب هو الأساس لحماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات”.
