جمرة ديسمبر لا تزال مشتعلة: الذكرى بين الألم والأمل

عادل تاج الدين جار النبي ..يكتب

تجددت الاحتفالات بذكرى ١٩ ديسمبر في السودان بوصفها لحظة رمزية تستعيد حضور الثورة في الوجدان العام، رغم قسوة الواقع الذي تعيشه البلاد بسبب الحرب والانقسام والتشرد. ففي كل عام تعود هذه المناسبة لتذكّر السودانيين بأن ديسمبر لم يكن حدثاً عابراً، بل محطة مفصلية أعادت تعريف العلاقة بين الشعب والسلطة، ورسّخت قيماً جديدة للوعي الجمعي تقوم على الحرية والعدالة والكرامة.
وتأتي الذكرى هذا العام في سياق مختلف ومفتوح على الجراح، حيث فقدت المدن أمنها وتشرد الملايين وتبدلت الجغرافيا الاجتماعية للسودان، غير أن مشاهد إحياء الذكرى سواء عبر الكتابة أو الفعاليات المجتمعية أو المبادرات الرمزية عكست تمسك السودانيين برمزيتها، باعتبارها شاهداً على تضحيات الشهداء ومصدر إلهام للأجيال الجديدة التي لا تزال ترى في الدولة المدنية أفقاً للخلاص الوطني.
إن تجدد الاحتفال بذكرى ديسمبر لا يحمل طابع الاحتفاء وحده، بل يحمل أيضاً قدراً من التأمل والمراجعة والمسؤولية الأخلاقية تجاه الثورة ومعناها العميق. فهو محاولة لإحياء قيمها بعيداً عن الاستقطاب والصراع، وتأكيد على أن الحرب ليست قدراً أبدياً ولا بديلاً عن مشروع بناء الدولة. وهكذا تواصل الذكرى حضورها كجذوةٍ معنوية وثقافية، تؤكد أن مسار السلام والاستقرار لن يمر إلا عبر قيم ديسمبر التي ما تزال حاضرة في الذاكرة والضمير العام.

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.