خالد عمر: حرب السودان لم تعد معركة… بل استثمار سياسي واقتصادي لقلة

الخرطوم، الغد السوداني – في تشخيص سياسي حاد لأسباب استمرار الحرب في السودان، قال نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني خالد عمر يوسف إن النزاع الدائر منذ أكثر من عامين لم يعد صراعًا عسكريًا فحسب، بل تحول إلى ساحة مفتوحة لمصالح ضيقة لقوى استفادت من الحرب سياسيًا واقتصاديًا، على حساب معاناة ملايين السودانيين.

وأكد خالد عمر، في حديثه لبرنامج غرفة الأخبار على سكاي نيوز عربية، أن الحرب «لا تخدم سوى قلة محدودة» استخدمتها إما سُلّمًا للصعود إلى السلطة أو وسيلة لتكديس الثروات، بينما يدفع المدنيون في مناطق النزوح ودول اللجوء الثمن الأكبر، في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم للعام الثالث على التوالي.

مناورات السلطة… حرب بلا أفق

وانتقد نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني ما وصفه بـ«المناورات السياسية عديمة القيمة» التي تنتهجها حكومة الفريق عبد الفتاح البرهان، معتبرًا أنها لم تؤدِّ خلال الأشهر الثلاثة الماضية سوى إلى تعميق الأزمة وإطالة أمد الحرب، دون أي تقدم حقيقي نحو وقف القتال أو تحسين الأوضاع الإنسانية.

وأضاف أن تعطيل المبادرات الإقليمية والدولية، والتحركات الشكلية في مجلس الأمن، لم تُترجم إلى حلول واقعية، بل أسهمت في استمرار النزيف الدموي وتفاقم معاناة المدنيين.

المبادرة الرباعية… فرصة ضائعة

وفي المقابل، شدد خالد عمر على أن المبادرة الرباعية تمثل فرصة حقيقية للخروج من المأزق، لكونها – بحسب قوله – طرحت منذ سبتمبر 2025 خارطة طريق واضحة تشمل مراحل تنفيذ وآليات رقابة وضمانات محددة.

واعتبر أن القفز فوق هذه المبادرة عبر طرح مسارات جديدة ومتناقضة يعكس غياب الإرادة السياسية لإنهاء الحرب، داعيًا إلى مناقشة المبادرة وتطويرها بدل إفراغها من مضمونها.

اشتراطات مسبقة تطيل الصراع

وانتقد خالد عمر ما سماه «قوائم الاشتراطات المسبقة» التي تُطرح قبل أي تفاوض، مثل الانسحاب وتسليم السلاح والتجميع في معسكرات، مؤكدًا أن هذه الشروط، في سياق حرب دامية ومعقدة، لا تنتج سلامًا بل تطيل أمد الصراع.

وأوضح أن الوصول إلى جيش وطني موحد يظل هدفًا أساسيًا لأي حل سياسي، لكنه لا يتحقق إلا عبر مفاوضات واقعية ومتدرجة، تستلهم تجارب السودان السابقة، وعلى رأسها اتفاق السلام الشامل عام 2005، الذي سبقته ترتيبات لوقف العدائيات وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

خلل الإرادة وتعدد المسارات

وحذر نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني من تعدد المسارات التفاوضية، معتبرًا أن سلطة بورتسودان «مخترقة بعناصر من النظام السابق» تجيد التنقل بين المبادرات بهدف تفريغ أي مسار جاد من محتواه.

وأكد أن تعدد المبادرات يؤدي عمليًا إلى عدم الالتزام بأي منها، داعيًا إلى الالتفاف حول مسار الرباعية باعتباره الإطار الأكثر جدية ووضوحًا.

حرب 15 أبريل… في سياق تاريخي أوسع

وختم خالد عمر حديثه بالتأكيد على أن حرب 15 أبريل ليست معزولة عن تاريخ طويل من الحروب في السودان منذ عام 1955، والتي انتهت بتقسيم البلاد ووقوع جرائم إبادة في دارفور.

وشدد على أن جعل هذه الحرب آخر حروب السودان يتطلب معالجة الجذور العميقة للأزمة، عبر إدارة عادلة للتنوع السوداني، ورفض الحكم العسكري والأيديولوجي، والانتقال إلى حكم مدني ديمقراطي كامل بوصفه الطريق الوحيد نحو سلام مستدام، لا مجرد تهدئة مؤقتة.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.