زلزال قبالة البحر الأحمر… وطوكر مدينة سودانية تعيش عامًا كاملًا من الكوارث

بورتسودان، الغد السوداني – ضرب زلزال بلغت قوته 4.4 درجات على مقياس ريختر منطقة البحر الأحمر، فجر اليوم الأربعاء 24 ديسمبر 2025، عند الساعة 04:55 صباحًا بتوقيت غرينتش (+3)، دون تسجيل أي خسائر بشرية أو مادية، بحسب بيانات أولية صادرة عن مراكز رصد الزلازل.

ووفق المعلومات المتاحة، وقع مركز الزلزال على بعد نحو 189 كيلومترًا شمال شرق مدينة طوكر، وعلى مسافة تقارب 126 كيلومترًا من السواحل السعودية، فيما لم يُحدَّد عمقه بشكل رسمي، إلا أن التقديرات الأولية تشير إلى أنه زلزال ضحل.

ولم ترد بلاغات تفيد بشعور السكان بالهزة في المناطق القريبة، كما لم تصدر أي تحذيرات أو تنبيهات رسمية من السلطات المختصة.

طوكر… مدينة تعيش على حافة الخطر

ورغم محدودية تأثير الزلزال، إلا أن وقوعه قرب طوكر يعيد تسليط الضوء على مدينة سودانية عاشت، خلال عام واحد فقط، سلسلة من الكوارث الطبيعية المتكررة، جعلت اسمها حاضرًا في تقارير الفيضانات والمخاطر المناخية أكثر من أي وقت مضى.

سيول خور بركة: الكارثة الأشد تدميرًا

خلال صيف وخريف 2024، ثم مجددًا في سبتمبر 2025، اجتاحت سيول نهر (خور) بركة مدينة طوكر بعنف غير مسبوق، متجاوزة المعدلات السنوية المعروفة.

وسُجّل وصول نحو 19 دفعة سيول خلال عام واحد، مقابل متوسط سنوي لا يتجاوز 12 دفعة، ما أدى إلى:

  • غرق أحياء سكنية كاملة
  • تدمير آلاف المنازل
  • انهيار أجزاء واسعة من مشروع طوكر الزراعي
  • عزل المدينة عن سواكن وبورتسودان بعد قطع الطرق الرئيسية

وأسفرت هذه السيول عن عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، ونزوح أعداد كبيرة من السكان، إضافة إلى تضرر المستشفى الرئيسي الذي اضطر للعمل بأقل من نصف طاقته، مع تسجيل عمليات جراحية أُجريت في ظروف طارئة وسط انقطاع الكهرباء وتدفق المياه.

من كارثة طبيعية إلى أزمة معيشية

لم تتوقف آثار السيول عند حدود الدمار العمراني، بل امتدت لتُطيح بالموسم الزراعي في مناطق واسعة من دلتا طوكر، بعد تدمير قنوات الري والحواجز الترابية، ما تسبب في ضياع المحاصيل وتهديد الأمن الغذائي لآلاف الأسر، في واحدة من أكثر مناطق السودان هشاشة اقتصاديًا.

مخاطر صحية تتربص بالسكان

وأدت الفيضانات إلى انتشار المياه الراكدة، ما رفع من احتمالات تفشي الكوليرا، والإسهالات المائية، وحمى الضنك، والملاريا، في ظل ضعف الخدمات الصحية وشح المساعدات الإنسانية، لتتحول الكارثة البيئية إلى أزمة صحية صامتة.

ما وراء الكوارث: تغير المناخ وغياب الحلول

يرى مختصون أن ما تعانيه طوكر لم يعد مجرد حدث موسمي عابر، بل كارثة متكررة مرتبطة بعوامل بنيوية، أبرزها:

  • الموقع الجغرافي المنخفض للمدينة
  • ارتفاع مجرى خور بركة عن الأحياء السكنية
  • غياب الحلول الهندسية المستدامة
  • وتأثيرات التغير المناخي المتصاعدة في شرق السودان

وبينما يمر الزلزال دون خسائر تُذكر، تبقى طوكر عالقة في دائرة الخطر، حيث تتحول الطبيعة، عامًا بعد آخر، إلى اختبار قاسٍ لقدرة مدينة منسية على البقاء.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.