هل تمارس (واشنطن) سياسة العصا والجزرة على السودان مجددا؟
على بياض
لم تصدر السلطات السودانية حتى الآن أي توضيح رسمي بشأن الأخبار المتداولة عن فرض خفر السواحل الأمريكي قيودًا على السفن السودانية، ومنعها من دخول الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن هذا الأمر يشكل تهديدًا خطيرًا لوضع السودان ضمن قائمة الدول غير الراعية للإرهاب، إلا أنه لم يُناقش بشكل علني حتى الآن.
يذكرنا هذا الأمر بالعقوبات الأمريكية التي فرضت على السودان لمدة عشرين عامًا، سواء بحجج أو بدونها إبان فترة حكم نظام المخلوع عمر البشير. الأهم في هذه القضية هو أن الإدارة الأمريكية، ممثلة بخفر السواحل، تبرر هذا القرار بأن الموانئ السودانية تعاني من قصور في تدابير مكافحة الإرهاب. وقد أشار خفر السواحل إلى أن الموانئ السودانية لم تنجح في الحفاظ على التدابير الأمنية اللازمة، وتحدث عن قصور في تدريب الكوادر على تنفيذ الخطط الأمنية.
أضاف القرار الأمريكي شروطًا جديدة للسفن القادمة من السودان، بهدف حماية الولايات المتحدة من قصور تدابير مكافحة الإرهاب في موانئ بعض الدول، وصنف السودان ضمن 19 دولة مشمولة بهذه القيود.
المنطق يقتضي أن ترد الحكومة السودانية على هذه المعلومات، بغض النظر عن صحتها، لتقديم مزيد من الشفافية، خاصة أن هناك جهات مختصة تتابع هذا الملف، من هيئة الموانئ البحرية إلى وزارة النقل، وصولاً إلى وزارة المالية. المطلوب هو تقديم الحقائق لردع أي مزاعم قد تؤثر سلباً على البلاد أون الآعتراف بالقصور حال تأكيده، خاصة في ظل الأوضاع الحالية والحرب المشتعلة التي تهدد آخر منافذ السودان الرئيسية.
السؤال المطروح هنا: لماذا أثيرت هذه القضية في هذا التوقيت الحرج؟ وهل هذه الخطوة تمثل محاولة جديدة لعزل السودان عن العالم، كما حدث في السابق؟
إن لم تتحرك الجهات المختصة لمعالجة هذا الملف وتوضيح الحقائق، فقد نواجه كارثة جديدة، خاصة وأن الميناء هو الشريان الأساسي للبلاد في الوقت الحالي. عدم التصرف بسرعة قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع، خاصة بعد توقف نفط الجنوب وزيادة الاعتماد على الاستيراد، مما قد يؤدي إلى نقص في الوقود وتأثيرات خطيرة على العديد من المنشآت، ما قد يجعل حياة المواطنين أكثر صعوبة.
لذلك، من الضروري التحرك سريعًا لتدارك الموقف والرد على ما ينشر في وسائل الإعلام العالمية. إذا لم يتم التصرف بحكمة، فقد يجد السودان نفسه في وضع أكثر خطورة، ولن يجد وزير المالية أي مجال للتصرف في ظل هذه الضغوط، مما يعيد البلاد إلى مربع الخطر مرة أخرى.
التحرك المبكر لتفادي هذه الأزمة أفضل بكثير من تأجيل الحلول، لأننا لا نريد أن نلدغ من نفس الجحر مرتين.