
“من تمثال إلى وعاء فخار ”… قصة جدل سوداني أشعل السوشيال ميديا
الغد السوداني ـمتابعات
لا تزال موجات السخرية تتصدر منصات التواصل الاجتماعي في السودان بعد القرار المفاجئ باستبدال تمثال لقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، في شارع النيل بمدينة أم درمان، بوعاء فخاري تقليدي “زير”، في خطوة أربكت سكان العاصمة وأشعلت التندر على مدار الساعات الماضية.
التمثال الذي استُوحي من زيارة البرهان للنازحين من الفاشر بمدينة الدبة بالولاية الشمالية،حين ظهر محتضناً امرأة مسنة تبكي ،لم يصمد طويلاً أمام الانتقادات اللاذعة، قبل أن يتم استبداله فجأة بقطعة فخار أثارت جدلاً أشد.
وسخر رواد المنصات من “الزير الجديد”، مشيرين إلى أنه “ينقصه الكوز” في إشارة ساخرة إلى الاسم الشعبي الذي يطلقه السودانيون على أنصار جماعة الإخوان المسلمين. بينما ربط آخرون بين الحادثة وكلمة البرهان الأخيرة التي نفى فيها خضوع الجيش لسيطرة الحركة الإسلامية.
وشهد محيط شارع النيل تزاحماً لسكان أم درمان الذين وقفوا أمام “الوعاء” البديل، ليلتقطوا الصور وينشروا التعليقات الساخرة، في وقت رأى فيه كثيرون أن البلاد “لا تحتمل مثل هذه الأمور” في ظل وضع اقتصادي واجتماعي متدهور، معتبرين أن الأموال التي صُرفت على التمثال كان الأولى أن تُوجّه لدعم ضحايا الحرب أو تقديم مساعدات للنازحين الذين يفتقرون إلى ضروريات الحياة.
الفنان التشكيلي المعروف “ريمكس” تساءل بدوره عن “الهدف من إنشاء التمثال ثم استبداله”، مشيراً إلى أن النظام السابق ،الذي عاد كثير من رموزه للمشهد ،ظل طوال ثلاثة عقود يعارض الفنون والتماثيل في الفضاء العام، فما الذي تغيّر الآن بينما يمر السودان بأسوأ فتراته منذ تأسيس الدولة؟
ويُعرف عن السودان خلوّ ميادينه وساحاته العامة من التماثيل والنُصب التذكارية، سواء لشخصيات سياسية أو فنية أو فكرية، وهي سمة ارتبطت بدوافع أيديولوجية منذ عام 1989 عندما تولت الحركة الإسلامية السلطة عبر انقلاب عسكري، فجرى تجريد المجال العام من الرموز الفنية لصالح توجه سياسي ديني .
ورغم أن “الزير” لم يمض ساعات طويلة في مكان التمثال، إلا أن حضوره على منصات التواصل فاق حضور آلاف الأحداث اليومية، ليصبح مادة للضحك والسخرية والسؤال:
“هل كان السودان بحاجة إلى تمثال… وزير؟
