الوزير (الكمسنجي)

لون الحقيقة

قال وزير النفط والطاقة بحكومة الأمر الواقع، د. محي الدين نعيم محمد سعيد، إن مصفاة الجيلي لا تهمهم اقتصاديًا، وشبّهها بطاحونة الدقيق التي إن تعطلت لا تتدمر ويمكن استبدالها بأخرى. كيف لوزير يحمل درجة الدكتوراه أن يفكر بمثل هذا النهج؟ هل يعود ذلك إلى كونه جزءًا من شلة إخوان كرتي؟ الوزير الذي شغل مناصب متعددة في الوزارة، منها مدير عام الشؤون الإدارية ومدير عام مركز التدريب النفطي، وأعدّ بحوثًا علمية، ويملك خبره استمرت لـ(40) عاما وفقًا لسيرته الذاتية، لم يشفع له كل ذلك ليبقى وزيرًا يتحدث بالأرقام والمعطيات ويفند الأضرار التي سببتها الحرب، بل تحول إلى “هتيف” لدى سدنة النظام.

وكما يقول المثل: “جاء ليكحلها فأعماها”، حاول الوزير تبرير سيطرة مليشيا الدعم السريع على المصفاة وتضررها جراء الهجمات التي تشنها مليشيا الإخوان (كتائب البراء)، ولكنه وقع في فخ الإسفاف والهذر. إذ قال: “لو قالوا المصفاة تشتغل، ما عندنا فيها مصلحة. وصلنا إلى هذه المرحلة حتى نتأقلم مع الواقع، وواصلنا تصدير النفط. ولو كسروها أو خلوها، ما عندنا فيها مصلحة كبيرة، لأنها أصبحت لا تهمنا اقتصاديًا “.

الأدهى والأمر هو اعتراف الوزير نفسه بلعب دور الكومبارس في مسرحية جنرالات الدم، إذ قال نصًا: “بقينا زي الكمسنجية، نشيل قروشنا وما عندنا عربية نكب ليها بنزين”، مشيرًا إلى أن دور وزارته يقتصر على الإشراف على الوقود المستورد. والسؤال هنا: لمن تركت مسؤولياتك ليستورد الوقود كما يشاء؟ ولماذا تقبل بلعب دور الكومبارس؟

في ظل اشتعال الحرب منذ أكثر من 500 يومًا، يرزح الاقتصاد السوداني تحت ضغوط هائلة. الناس يدفعون ثمنًا باهظًا، تجلت آثاره في تدهور الأوضاع الإنسانية والمعيشية بشكل كبير، إلى جانب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالعديد من المؤسسات والبنى التحتية في مناطق الاشتباكات.

هل تعلم، يا وزير الأمر الواقع، أن البلاد تكبدت خسائر تزيد عن 100 مليار دولار خلال 120 يومًا فقط من الحرب؟ فكم بلغت الخسائر بعد أكثر من 500 يوم؟ هل تعلم أن هناك 24 مليون شخص، أي نصف سكان السودان، مهددون بخطر المجاعة؟ بعضهم بلا مأوى ولا مال، يبيتون في مراكز الإيواء المشتركة، يتمنون فتات الخبز لسد جوعهم. كيف لعاقل أن يتصالح مع هذه الكارثة الإنسانية ويخرج بمثل تلك التصريحات؟ وهل تعلم أن المنبر الذي تحدثت من خلاله للصحفيات النازحات؟ كيف تجاوزت محنتهم دون أن تفكر فيها وبدلاً من ذلك أطلقت مثل هذا الكلام السخيف؟