
موافقة الدعم السريع على الهدنة هل ألقت الكرة في ملعب الجيش؟
الغد السوداني _ وكالات
يبدو أن قوات الدعم السريع قررت إلقاء الكرة في ملعب الجيش عقب إعلانها رسميًا اليوم الخميس الموافقة على الهدنة الإنسانية، ووقف العدائيات وفق المقترحات المطروحة من دول الرباعية.
وجاءت موافقة قوات الدعم السريع على الهدنة الإنسانية حسب البيان الذي أصدرته الخميس 6 تشرين الثاني/نوفمبر 2025 بعد حوالي 15 يومًا من تسلمها المقترح الأميركي، ودول الرباعية التي تشمل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية ومصر تشمل التفاصيل وآليات التنفيذ والمراقبة ومناطق خطوط الإمداد.
بالمقابل فإن الخارطة العسكرية بالتزامن مع إعلان هذه القوات استعدادها للالتزام بالهدنة الإنسانية ووقف العدائيات تشير إلى سيطرتها على غالبية مناطق إقليم دارفور وتتقاسم مع الجيش السيطرة في إقليم كردفان.
أما الجيش يسيطر على المناطق الشرقية ووسط البلاد والشمالية والنيل الأزرق وسنار وأجزاء من جنوب كردفان ضمن المناطق الواقعة جنوبًا، أما قوات الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو في جبال النوبة وتتحالف مع “قوات حميدتي” في السيطرة على الطرق البرية الرئيسية بين الدبيبات والدلنج وكادوقلي في جنوب كردفان.
البيان الذي أصدرته قوات الدعم السريع جاء يحمل اسم هذه القوات دون الإشارة إلى “تحالف تأسيس” ،وفي هذا الصدد يشير الباحث في الديمقراطية والسلام مجاهد أحمد إلى أن دول الرباعية تتعامل مع الجيش والدعم السريع فقط في ما يتعلق بالهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار.
ويرى أحمد في حديث لـ”الترا سودان” أن الطرفين المتحاربين في السودان عقدا بشكل منفرد اللقاءات مع المسؤولين الأميركيين في ما يتعلق بمقترحات الهدنة الإنسانية، لذلك البيانات عادة في الرد على المقترحات تصدر باسم الجيش والدعم السريع فقط.
وأردف: “المسؤولون الأميركيون يفضلون التواصل مع الطرفين بصورة مباشرة دون الوضع في الاعتبار وجود حلفاء عسكريين أو سياسيين، وحال تنفيذ الهدنة الإنسانية ستشمل جميع الأطراف العسكرية المتحالفة مع الجيش والدعم السريع”.
وحول موقف الجيش السوداني من الهدنة الإنسانية يوضح الباحث في الديمقراطية والسلام مجاهد أحمد أن القوات المسلحة لم ترفض الهدنة الإنسانية ولم تعلن الموافقة بصورة علنية، لكن هناك مؤشرات قوية على أن قبولها وارد جدًا.
وتعليقًا عن ما هي هذه المؤشرات يقول أحمد إن مستشار البيت الأبيض مسعد بولس عقد اجتماعين مع قائد الجيش ورئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان خلال آب/أغسطس الماضي في سويسرا، وفي القاهرة منتصف تشرين الأول/أكتوبر 2025، موضحًا أن الولايات المتحدة الأميركية قدمت الوعود لقائد الجيش السوداني حول مستقبله السياسي خلال فترة ما بعد الحرب وتنتظر منه تنفيذ التزاماته وأبرزها الهدنة الإنسانية.
وتنص المقترحات الأميركية على فصل القوات المتحاربة على الأرض والتنسيق عبر لجنة مشتركة لضبط الخروقات العسكرية، إلى جانب “إبداء حسن النوايا” لإنجاح الهدنة والسماح بمرور المساعدات إلى المدنيين دون قيود عسكرية أو إدارية.
وكان وزير الدفاع السوداني الفريق حسن داؤود كيان صرح للصحفيين عقب اجتماع مجلس الأمن والدفاع في العاصمة الخرطوم برئاسة عبد الفتاح البرهان، أن المجلس توجه بصوت شكر للمستشار الأميركي مسعد بولس حول مساعيه نحو السلام، مشيرًا إلى أن الاجتماع قرر التعبئة العسكرية والاستنفار ومواصلة القتال ضد قوات الدعم السريع.
ويقول المحلل السياسي عبده مختار إن موقف الجيش لم يحسم بشأن الهدنة الإنسانية لأنه يدرس المقترحات التي تسلمها من المستشار الأميركي مسعد بولس.
وأضاف مختار: “من الصعب تحديد موقف الجيش السوداني من الهدنة الإنسانية، لأنه لم يصدر القرار النهائي سواء بالموافقة أو الرفض ومع ذلك هناك مؤشرات قوية على أنه قد يوافق عليها”.
ويوضح مختار أن الجيش يشعر بحالة من الارتباك ما بين التفكير في الموافقة على الهدنة الإنسانية التي تعني وضع إقليم دارفور تحت سيطرة الدعم السريع لعدة أشهر قد تستمر طويلًا، أو اتخاذ قرار مصادم بالرفض والاعتماد على المعارك العسكرية واستعادة مناطق كردفان ودارفور، لافتًا إلى أن: “تحول الهدنة إلى واقع ملموس يعتمد على مدى استجابة الأطراف الدولية لشروط القوات المسلحة”.
واستفسر مراسل “الترا سودان” مصادر عسكرية مقربة من دوائر مجلس الأمن والدفاع حول المقترحات المتعلقة بالهدنة، وأشارت إلى أن المجلس لم يرفض المبادرات المطروحة من المجتمع الدولي حسب بيانه الأخير، بالمقابل يحاول الوصول إلى رؤية بضرورة اعتماد اتفاق جدة ضمن بنود الهدنة.
وتشير المصادر العسكرية إلى أن الرؤية في الغالب فرغ المجلس منها وبصدد التسليم إلى الأطراف الدولية التي تقود مبادرة الهدنة الإنسانية في السودان، وفي كل الأحوال لا يمكن تقديم تنازلات ويجب تنفيذ الهدنة بالطرق التي تحفظ سيادة واستقلال السودان.
فيما وصف الباحث في الشؤون الدبلوماسية عمر عبد الرحمن، موقف الحكومة السودانية في ما يتعلق بالهدنة الإنسانية بالضبابي، وربما تسود حالة ارتباك داخلها بسبب وجود تباين في المواقف حول الهدنة الإنسانية المقترحة من دول الرباعية وعلى رأسها الولايات المتحدة.
ويرى عبد الرحمن أن موافقة الدعم السريع على الهدنة الإنسانية وضع الجيش في موقف حرج، وربما ستعمل القوات المسلحة للبحث عن مقاربة تجعلها تقبل بالهدنة وفي الوقت ذاته تحقيق شروطها على الأرض.
“نقلاً عن الترا سودان”
