80 ألف قطعة أثرية من الذهب مصيرها مجهول في السودان
لا يزال مصير الآلآف من القطع الآثرية السودانية مجهولاً بعد سرقتها من المتحف القومي السوداني خلال الحرب الدائرة منذ عام ونيف، وأحدث خبر بيع بعض هذه القطع على موقع (ايباي) على الإنترنت، ضجة شغلت وسائل الإعلام العالمية والمحلية، واستحوذت على اهتمام علماء الآثار والخبراء الذين يعرفون قيمة هذه القطع المسروقة وما تحتويه من قيمة تاريخية وحضارية.
ووفق بيان صدر من خبراء آثار سودانيين فإن شاحنات قد خرجت محملة بالآثار السودانية واتجهت إلى دولة جنوب السودان، حيث تتبعت مسارها الأقمار الإصطناعية.
وقالت إخلاص عبد اللطيف، مدير إدارة المتاحف في الهيئة العامة للمتاحف والآثار والمتاحف السودانية ورئيسة وحدة متابعة الأثار المسروقة لـ«الغد السوداني» إن الآثار التي سرقت من المتحف لم تعرض للبيع على (ايباي)، وأن المعروض الآن ليس من المجاميع المتحفية بالمتاحف السودانية، فالبعض منها سوداني، ولكنها ربما خرجت في فترة الاستعمار كهدايا وأصبحت مجموعات خاصة، إلا أن اصحابها أرادوا بيعها الآن.
مؤكدة أن الآثار التي تمت سرقتها بواسطة قوات الدعم السريع لم تعرض للبيع حتى الآن، ولا يزال مصيرها مجهولاً.
وأوضحت أن من بين آلاف القطع الآثرية التي لا تقدر بثمن مومياوات محنطة تعود إلى 2500 عام قبل الميلاد، وتعتبر من أقدم القطع الآثرية في العالم، والأكثر قيمة تاريخية.
وعلى الرغم أن قوات الدعم السريع قد نشرت فيديوهات قبل سنة، تؤكد خلالها محافظتها على كل مقتنيات المتحف، إلان خروج شاحنات من المتحف ترجح سرقتها واستهداف المخزن الرئيس، ومن غير المعلوم أعداد القطع التي سرقت على وجهة الدقة، لكن المخزن يحوي 80 ألف قطعة أثرية من الذهب، لم يتمكن المتحف في السابق من عرضها دفعة واحدة، وكان يقوم بعملية إحلال وإبدال من وقت إلى آخر حتى يتمكن الجهمور من رؤيتها.
حادثة سرقة المتحف القومي السوداني أعادت إلى الأذهان عدد من حوداث السرقات التي شهدها المتحف، ففي عام 2003 تمت سرقة 54 قطعة أثرية تمثل عصوراً مختلفة، لكن أهم قطعة فيها كانت لجمجمة، وتمكنت السلطات من أعادة جميع القطع، أما في عام 1991 تمت سرقة قطع من الذهب من صناديق زداجية في صالة العرض، وتمكنت السلطات من إعادته.
من جهتة أوضح معز محمد أحمد باحث وعضو جمعية حماية الآثار والتراث لـ«الغد السوداني» أن الباحثين والمهتمين بالآثار طالبوا منذ بداية الحرب بحماية المتاحف عبر نداءات وجهت للجهات المختصة، ومع أول ظهور لقوات الدعم السريع وهم يلتقطون صوراً مع المومياوات الموجودة في المتحف أصبح تقدير التعامل مع الوقف صعباً وشائكاً، وأن المهتمين بالملف حرصوا على عدم تناول أي خبر يخص متحف السودان القومي خوفاً من استغلال بعض الجهات للأوضاع الأمنية هناك، وطالبوا الجهات المختصة بإدارة المتحف الإتصال بالإنتربول واليونسكو حتى يتدخلوا لحماية الآثار.
وأظهرت اللقطات -التي أكد موقع ميدل إيست آي أنه اطلع عليها- مداهمة قوات الدعم السريع، العام الماضي، مختبر إم بولهايم للآثار الحيوية في الخرطوم، الذي يحتوي على ما يُعتقد أنها رفات بشرية، وعظام، وهياكل عظمية، يعود تاريخها إلى 3300-3000 قبل الميلاد.
وأضاف أحمد: “مع أول إعلان رسمي عن السرقة تحرك مجموعة من الباحثين والأكاديميين يصل عددهم إلى 200 باحث، وقدموا طلباً لدولة جنوب السودان لإعادة المسروقات التي تسربت إلى بلادهم، بعد تتبع شاحنات خرجت من المتحف القومي، واتهجت إلى جنوب السودان”.
وأكد احمد عدم وجود إجراءات احترازية لتأمين المتحف بشكل جيد، خاصة في ظل الحرب، مردفًا “لا توجد كاميرات مراقبة خارج صالات العرض، أو في مداخل المتحف حتى وقت إندلاع الحرب”.