اللجنة العليا لتأبين مكي إدريس تكشف عن تبني المسار الأكاديمي لأول مرة ضمن الفعاليات

الغد السوداني _ إعلام التأبين

تشهد فعاليات مهرجان تأبين الهرم النوبي مكي علي إدريس هذا العام نقلة نوعية غير مسبوقة، حيث يتم لأول مرة إدخال المسار الأكاديمي ضمن برنامج الفعاليات، في خطوة تعكس إدراك اللجنة المنظمة لأهمية الجانب العلمي في حفظ اللغة والثقافة النوبية وتوثيقها للأجيال القادمة.

وقال عضو اللجنة العليا للتأبين، عضو سكرتارية التنسيق المشترك راشد عباش، إن هذا التوجه جاء استجابة لرغبة الراحل المقيم الفنان والمبدع مكي إدريس، الذي كان مهتمًا جدًا باللغة النوبية، وكانت له زيارات ومشاركات متعددة في مجال اللغة، وكان آخرها عمله على مشروع المعجم النوبي. وأضاف: “تكريمًا له وتقديرًا لحرصه على اللغة النوبية، بدأنا في اللجنة أولى خطواتنا باختيار الكورس الخاص بتمليك الحرف النوبي، لأننا رأينا أنه يمثل البداية الحقيقية للمسار الأكاديمي”.

وأوضح عباش أن هذا الكورس يستهدف جميع الفئات دون استثناء، وأن اللجنة أعدّت طاقمًا متكاملًا من الأساتذة المتخصصين في اللهجتين النوبيتين “الفاديجا والكنزية”، مشيرًا إلى أن الكورس سيُقدَّم على نحوٍ مزدوج يجمع بين التدريب الحضوري (الأرضي) والتدريب الإلكتروني (أونلاين). وأضاف: “هذه فرصة كبيرة للراغبين في المشاركة من أي مكان، فكل من يرغب في التعرف على اللغة النوبية يمكنه المشاركة عبر الإنترنت، كما أن أبناء الجالية النوبية في القاهرة لديهم فرصة الحضور والمشاركة بشكل مباشر”.

وأكد راشد أن هذا الجهد التعليمي سيستمر لفترة زمنية طويلة نسبيًا، لأنه يتطلب مرافقة تعليمية دقيقة، خاصة للفئات التي انقطعت لفترة طويلة عن لغتها وثقافتها الأصلية. وأوضح أن اللجنة وضعت نظامًا تعليميًا يراعي الفروق العمرية والقدرات اللغوية للمشاركين، بحيث يتمكن أي شخص – حتى من لم تكن له خلفية لغوية سابقة – من تعلم القراءة والكتابة والتحدث بالنوبية عبر منهج مبسط وواضح.

وأضاف: “نحن نعمل على أن تكون التجربة سهلة وسلسة بالنسبة للأطفال وكبار السن معًا، وقد صممنا نظامًا يسمح للدارس بأن يتدرج خطوة بخطوة إلى أن يصبح قادرًا على التعبير بلغة أجداده كتابةً ونطقًا”. ونوّه إلى أنه شخصيًا ليس متخصصًا في المجال اللغوي، وتابع: “لكنني على يقين أننا أعددنا نظامًا يضمن الوصول إلى نتائج ملموسة، فالدارس بعد اجتياز المراحل الأولى سيكون قادرًا على القراءة والكتابة بل والتحدث بالنوبية بثقة”.

وأشار عضو اللجنة إلى أن من ضمن فعاليات المهرجان أيضًا إطلاق كتاب “موسى نسكولادي”، الذي يضم ترجمة لأغنيات الراحل مكي إدريس إلى اللغة النوبية مكتوبة بالحرف النوبي، إلى جانب ترجمتها إلى العربية. وبيّن أن هذا الكتاب يمثل فرصة عملية للدارسين لتطبيق ما يتعلمونه من قواعد لغوية ومفردات، ولتعميق فهمهم للفن والتراث النوبي.

وأكد راشد أن اللجنة لم تحصر المشاركة في الكورس على أفراد المجتمع النوبي فحسب، بل فتحت الباب أمام كل الراغبين من مختلف الفئات والخلفيات الثقافية، مشددًا على أن الهدف الأسمى هو نشر الوعي باللغة والثقافة النوبية وجعلها جزءًا من الحراك الثقافي العربي والإفريقي الأوسع.

وختم عباش بالقول إن اللجنة ترى في هذه الخطوة “تحقيقًا فعليًا لرغبة مكي إدريس، الذي أفنى حياته في خدمة اللغة النوبية وحماية تراثها”، مؤكدًا أن المهرجان في نسخته الحالية ليس مجرد احتفاء بفنان، بل مشروع لإحياء لغة وتاريخ وهوية.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.