حصيلة مرتفعة لضحايا السيول في السودان.. وتحذيرات من الأسوأ

بورتسودان / وكالات

تواصلت معاناة السودانيين مع السيول والأمطار الغزيرة، التي جاءت بمعدلات أعلى من السائد في بعض المناطق، إذ تعرضت الولاية الشمالية، صباح الثلاثاء، لموجة شديدة من الأمطار، مما أدى لخسائر جديدة. في حين حذرت هيئات حكومية من معدلات أمطار عالية، متوقعة.

وأدت الأمطار والسيول، الثلاثاء، إلى انهيار مئات المنازل وجرف عدد من الطرق في الولاية الشمالية في مناطق القُرير، القَدار، مَرَوي، كريمة، دنقلا، السليم، ونوري.

وجاءت أمطار الولاية الشمالية بعد يومين من أمطار وسيول ضربت مناطق واسعة في شرق السودان، مما تسبب في انهيار سد أربعات، الذي يبعد 40 كيلومترا عن مدينة بورتسودان التي اتخذها قادة الجيش مقرا للحكومة، بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023.

وتوقعت الأمم المتحدة، الاثنين، أن يكون العدد الإجمالي للوفيات الناجمة عن انهيار سد أربعات، أعلى بكثير، بعد أن أعلن مسؤولون محليون وفاة 30 شخصا على الأقل.

ولم تصدر أي بيانات رسمية حتى الآن توضح حجم الضرر الناتج عن السيول التي ضربت الولاية الشمالية.

ويواجه السودان أكبر أزمات الجوع والنزوح في العالم، من جراء القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وتوقعت وحدة الإنذار المبكر في هيئة الأرصاد الجوية الحكومية، الثلاثاء، أن يستمر تأثير السحب، ليشمل ولاية نهر النيل، وأجزاءً من المنطقة الشرقية للولاية الشمالية.

وتوقعت الهيئة حدوث أمطار غزيرة، مصحوبة بعواصف رعدية ورياح قوية، في معظم مناطق ولاية البحر الأحمر، بما في ذلك مدينة بورتسودان، ودعت المواطنين والجهات المعنية والسلطات المحلية لأخذ الحيطة والحذر.

وأعلنت غرفة الطوارئ المركزية عن تأثر 10 ولايات من أصل 18 ولاية سودانية، بالأمطار والسيول والفيضانات هذا العام، مشيرة إلى أن الضرر طال 50 محلية بتلك الولايات.

وذكرت الغرفة في بيان، الاثنين، أن عدد الأسر المتضررة ارتفع إلى 31666 أسرة، بينما ارتفع عدد الأفراد المتضررين إلى 129650 فردا، مؤكدة انهيار 12420 منزلا انهيارا كليا، وانهيار 11472 منزلا انهيارا جزيئا.

وأشارت إلى أن معظم الأضرار بولاية نهر النيل والولاية الشمالية، الحدودية مع مصر.

وبدورها، أكدت وزارة الصحة السودانية، وفاة 132 شخصا على الأقل في السودان نتيجة السيول والأمطار الغزيرة.

وأشار الناشط المجتمعي، أحمد محجوب، إلى أن الأمطار والسيول قطعت طريق ناوا – كريمة عند منطقة الكرو، مما فاقم معاناة السكان، وأدى لقطع بعض المناطق وعزلها عن محيطها.

وقال محجوب لموقع الحرة، إن عشرات الأسر تعيش في العراء بعد انهيار منازلهم كليا أو جزئيا، مما يتوجب تدخلا من الجهات المختصة، لتقديم العون وتوفير الإيواء.

وحذر الناشط المجتمعي من ظهور معدلات عالية من العقارب والثعابين في مناطق الولاية الشمالية وولاية نهر النيل عقب الأمطار، داعيا إلى توفير أمصار السموم، لتنجنُّب حدوث خسائر في الأرواح.

إلى ذلك، أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة (أوتشا)، أن عدد الذين تأثروا من جراء الأمطار الغزيرة والفيضانات في جميع أنحاء السودان، يُقدر بأن 317 ألف شخص.

وأشار المكتب على موقعه الإلكتروني، إلى أن 118 ألف شخص نزحوا عن منازلهم، بينما دُمِّر ما يقرب من 27,000 منزل وتضرر ما يصل إلى 31,240 منزلًا بسبب الأمطار الغزيرة والفيضانات.

وأوضح البيان أن الأمطار ألحقت أضرارا بـ 190 خيمة في مدينة كسلا بشرق السودان، تأوي حوالي 950 نازحا، فروا إلى المدينة من ولاية سنار والجزيرة والخرطوم بسبب الحرب.

وفي إقليم دارفور بغرب السودان، أدت الأمطار والسيول إلى عزل مناطق بأكملها، “مما وضع السكان أمام صعوبات جديدة”، بجانب مصاعب الحرب والاقتتال التي يشهدها الإقليم.

وقال الناشط الطوعي، آدم إسحق، إن السيول أضرت بمناطق واسعة من ولاية غرب دارفور، بما في ذلك مدينة الجنينة عاصمة الولاية، خلال الأيام الماضية.

وأشار إسحق إلى أن السيول جرفت 4 جسور بالولاية مما جعلها في عزلة تامة عن الولايات الأخرى، منوها إلى انهيار جسر أم دورين، الذي يربط بين شرق وغرب الجنينة، وجسري أردمتا الجديد والقديم، بجانب جسر مورني الرابط بين الجنينة ومدينة زالنجي عاصمة وسط دارفور.

ولفت الناشط الطوعي إلى أن السكان يعيشون “واقعا مريرا” من جراء السيول وانهيار الجسور، مما أدى لندرة في السلع وارتفاع في الأسعار.

وأعاقت الفيضانات تسليم المواد الغذائية إلى المتضررين من الحرب بدارفور، بما في ذلك أول شحنة من الإمدادات من برنامج الأغذية العالمي إلى بلدة كرينيك، المهددة بالمجاعة، منذ إعادة فتح معبر أدري الحدودي أمام فرق المساعدات الإنسانية، وفق رويترز.

وأكد بيان لحزب الأمة القومي، الاثنين، أن منطقة طوكر بشرق السودان تعرضت لموجة من السيول والأمطار، مما أدى لتضرر 28 قرية تضررا كاملا، “إذ غمرت المياه الآبار والمرافق الخدمية”.

وأضاق البيان “أدت السيول إلى لخروج مستشفى طوكر عن الخدمة، وتسببت في وفاة 9 أشخاص وفقدان آخرين، بينما يواجه أهلنا صعوبة في دفن الموتى بسبب المياه”.

ولفت  إلى أن السيول فصلت جسر دلوبياي جنوب طوكر عن اليابسة، مؤكدا غرق منطقة مرافيت بالمياه بالكامل، “مما يؤزم حياة المواطنين ويفاقم معاناتهم”.

وبدورها، أكدت معتمدية محلية القنب والأوليب بولاية البحر الأحمر، أن 20 قرية تدمرت تدميرا كاملا، وأن 50 قرية تضررت تضررا جزئيا.

وأشارت المعتمدية في تصريح صحفي، الثلاثاء، الى أن عدد السكان المتضررين بتلك القرى يبلغ 13 ألف شخص، لافتة إلى أن السيول غمرت 25 ألف فدان مزروعة بالخضروات والذرة والقمح.

من جانبها، قالت تنسيقية القوي الديمقراطية المدنية (تقدم)، في بيان الثلاثاء، إنها تتابع بقلق كبير الآثار الكارثية للسيول والفيضانات في الشمالية ونهر النيل والجنينة وشرق السودان.

ودعا البيان “الدول الصديقة والمنظمات الدولية والمحلية لإغاثة المتضريين، وخاصة بعد إعلان الجهات الصحية عن انتشار وباء الكوليرا، مما يهدد بتفاقم الوضع الكارثي”.

وطالب البيان بنشر المعلومات الكاملة عن أسباب انهيار سد أربعات بشرق السودان، داعيا إلى الإفصاح عن ما إذا كان الانهيار نتيجة لعوامل طبيعية أو بشرية أو تقصير، ومشدد على ضرورة “اتخاذ الخطوات اللازمة”.

وكانت وزارة الصحة السودانية، أعلنت الأسبوع الماضي، انتشار وباء الكوليرا في عدد من الولايات، خاصة ولايتي كسلا والقضارف بشرق البلاد.

وفي أحدث إحصائية، أعلنت منظمة الصحة العالمية، الجمعة، عن إصابة أكثر من 650 شخص ووفاة 28 بالكوليرا في خمس ولايات سودانية.

وكانت منظمة الصحة العالمية، قالت في مايو الماضي، إن نظام الرعاية الصحية في السودان ينهار، بينما تُدمر المرافق الصحية وتتعرض للنهب وتعاني نقصا حادا في الموظفين والأدوية واللقاحات والمعدات.

وقال المتحدث باسم المنظمة، كريستيان ليندميير، إن ما بين 20 إلى 30 بالمئة فقط من المرافق الصحية تعمل في السودان، منوها إلى أن أكثر تلك المرافق يعمل بالحد الأدنى.

وأشار ليندميير إلى أن الإمدادات الطبية لا تلبي سوى 25 بالمائة من الاحتياجات، لافتا إلى أن بعض الولايات مثل دارفور “لم تتلق الإمدادات الطبية خلال العام الماضي”.