السودان يكشف عن أدلة جديدة لاتهام الإمارات بتجنيد مرتزقة كولومبيين

الغد السوداني _ متابعات
قدمت بعثة السودان الدائمة لدى الأمم المتحدة، شكوى جديدة قالت إنها “مدعومة بالأدلة” إلى مجلس الأمن الدولي بشأن ما أسمته “التدخل المباشر للإمارات في الحرب الدائرة بالبلاد”، بما في ذلك تورطها في تجنيد المرتزقة الكولومبيين والدفع بهم للقتال إلى جانب “مليشيا الدعم السريع”.

وفي اكتوبر الماضي تقدمت الحكومة التي يقودها الجيش السوداني بشكوى لمجلس الأمن، اتهمت فيها الإمارات بتجنيد مرتزقة للقتال في السودان، لدعم شكوى سابقة قدمتها ضد الإمارات في مارس 2024م لم يفصل فيها المجلس.

انتهاك للسيادة

وقال مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس في رسالة إلى رئيس مجلس الأمن كيم سانغجين، إن هذا التدخل السافر، الذي أطال أمد الحرب ودمّر البنية التحتية الحيوية وألحق معاناة لا توصف بالمدنيين، يشكّل انتهاكًا جسيمًا لسيادة السودان، وللقانون الدولي الإنساني، وللقانون الدولي لحقوق الإنسان، فضلًا عن انتهاكه للقرارات الملزمة الصادرة عن مجلس الأمن، وهي القرار 1591 (2005) والقرار 2736 (2024). كما يمثل تهديدًا مباشرا للسلام والأمن الإقليميين.

وأضاف أن الحكومة السودانية جمعت أدلة واسعة تُظهر أن مئات المرتزقة الكولومبيين، يُقدَّر عددهم بين 350 و380، معظمهم من الجنود والضباط المتقاعدين من الجيش الكولومبي، قد جرى تجنيدهم عبر شركات أمنية خاصة مقرها الإمارات، منها: مجموعة الخدمات الأمنية العالمية (GSSG) برئاسة المواطن الإماراتي محمد حمدان الزعابي ومقرها أبوظبي، ووكالة الخدمات الدولية (A4SI) التي شارك في تأسيسها العقيد الكولومبي المتقاعد ألفارو كويخانو ويعمل من مدينة العين- الإمارات حيث جرى التعاقد مع هؤلاء المرتزقة تحت ذريعة تقديم “خدمات أمن وحماية”، بينما في الواقع تم نقلهم إلى السودان للقتال مباشرة إلى جانب مليشيا الدعم السريع، ويعملون تحت ما يُسمى بـ تشكيل “ذئاب الصحراء”.

وذكر أنه تم نقل المرتزقة جوًا من الإمارات إلى بوصاصو (الصومال) ثم إلى بنغازي (ليبيا) تحت إشراف ضباط موالين للجنرال خليفة حفتر، ومن هناك جرى نقلهم عبر الصحراء مرورًا بتشاد إلى السودان.

وبحسب وكالة السودان للأنباء اليوم السبت، بينت الوثيقة أنه بين نوفمبر 2024 وفبراير 2025، جرى تشغيل ما لا يقل عن 248 رحلة بلغ مجموع ساعات طيرانها 15.268 ساعة عبر طائرات مستأجرة من الإمارات، لتهريب المرتزقة والأسلحة والمعدات العسكرية إلى السودان، خاصة إلى نيالا والفاشر وحمرة الشيخ ووصلت أول دفعة من 172 مرتزقًا كولومبيا إلى الفاشر في نوفمبر 2024، تلتها دفعات أخرى، وكان انتشارهم مركزاً بشكل خاص في دارفور حيث شاركوا في الحصار والهجمات على مدينة الفاشر.

وأضاف أن المرتزقة شاركوا في عدة جبهات- الخرطوم، أم درمان، الجزيرة، النيل الأبيض، سنار، النيل الأزرق، كردفان، ودارفور- وتولوا تشغيل طائرات الدرون والمدفعية والمركبات المدرعة، والمشاركة في الهجمات المباشرة.

انتهاكات فظيعة

وأوضح المندوب الدائم أن هجمات المرتزقة أدت إلى انتهاكات فظيعة، منها القتل خارج القانون: بين 22 يناير و1 فبراير 2025 قُتل 73 مدنيًا سودانيًا بوسائل متعددة، ودُمر 115 مبنى مدني، فضلاً عن تجنيد الأطفال: تدريب مباشر للأطفال على السلاح والقتال.

ومن الانتهاكات أيضاً استخدام أسلحة محظورة: وثيقة عمليات مؤرخة 1 ديسمبر 2024 تحدد استخدام الفوسفور الأبيض، وهو محظور في المناطق المدنية ويعد جريمة حرب، إضافة إلى نهب الموارد: تهريب الذهب والماشية والصمغ العربي عبر شبكات إماراتية.

وكشفت الوثيقة أن السلطات السودانية تحصلت على خطة مفصلة لوحدة “ذئاب الصحراء” لحصار الفاشر، تضمنت خرائط وإحداثيات لمواقع القوات المسلحة السودانية، كما ان الرئيس غوستافو بيترو أدان علنًا، مؤكداً مقتل ما لا يقل عن 40 مرتزقًا كولومبيًا في السودان، ووجّه سفيره في القاهرة للتحقيق.

وذكرت الوثيقة أن الأدلة تُظهر أن الإمارات شنت حملة منهجية لتقويض سيادة السودان عبر المرتزقة، ما أطال الحرب وسبب معاناة مدنية هائلة وزعزع استقرار المنطقة.

وجدد السودان اتهامه للإمارات، بصفتها الفاعل الرئيس، وتواصل قتل المدنيين السودانيين بوسائل متعددة في انتهاك صارخ للقانون الدولي، ما يجعلها مسؤولة قانونيًا عن الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

واعتبر أن تحفظ الإمارات عند انضمامها لاتفاقية 1948 بشأن الإبادة الجماعية يوضح نيتها الإفلات من المساءلة. وقال إن هؤلاء المرتزقة هم أدوات في حرب بالوكالة تديرها الإمارات، وان عدم شرعية هذه الأفعال ثابت بموجب القانون الدولي واتفاقية 1989 الدولية ضد الارتزاق والبروتوكول الإضافي الأول (1977) لاتفاقيات جنيف واتفاقية منظمة الوحدة الأفريقية (1977) والقانون الدولي العرفي.

وأكدت الوثيقة أن حرب السودان هي حرب عدوانية أجنبية تمولها وتديرها الإمارات، وليست صراعًا داخليًا كما تزعم أبوظبي وهي المهندس المباشر لمأساة السودان.

وطالب مندوب السودان تعميم هذه الرسالة وملحقاتها كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الأمن، وحث المجلس على التحقيق والإدانة ومحاسبة كل الجناة، وتصنيف ميليشيا الدعم السريع كجماعة إرهابية، وفضح الإمارات على جرائمها بحق الشعب السوداني- حسب تعبيره.

وكانت الإمارات ردت مراراً على الاتهامات السودانية، مؤكدة أنها ليست طرفًا في النزاع المسلح بالبلاد، ولا تقدم أي دعم للدعم السريع، مما يجعل الادعاءات الموجهة ضدها غير صحيحة.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.