السودان يدرس تغيير عملته وسط اتساع عمليات التزوير

عاصم إسماعيل

صحفي سوداني

يدرس المسؤولون في السودان تغيير العملة المحلية (الجنيه)، لمواجهة التحديات المصرفية التي ظهرت في السوق منذ نحو عام ونصف العام، إذ هبطت قيمة الجنيه السوداني إلى مستويات قياسية وانتشرت أوراق نقدية مزيفة في الأسواق، خاصة بعد تعرض المصارف السودانية لعمليات سرقة ممنهجة بسبب الحرب واستيلاء قوات الدعم السريع على مبالغ نقدية كبيرة من مطبعة العملة السودانية، وظهرت في التداولات اليومية أوراق نقدية بلا أرقام متسلسلة.

محافظ بنك السودان المركزي برعي الصديق قال في تصريحات صحافية إن إدارته تسعى إلى تغيير العملة رغم أنها عملية معقدة وتحتاج إلى موارد مالية ضخمة، ولكنه قال إن كل الموارد الحالية يتم توجيهها للمجهود الحربي. وتشهد العملة السودانية تدنيا كبيرا في قيمتها مقابل النقد الأجنبي، خاصة الدولار، الذي وصل سعر صرفه لأكثر من 2700 جنيه بفعل مضاربات سماسرة العملات الأجنبية بالسوق الموازي واستمرار الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ نحو أكثر من عام توقفت على أثرها الحياة الاقتصادية.

أزمة الجنيه السوداني

يقول المصرفي إسحاق إبراهيم لـ”االعربي الجديد”، إن حالة السودان الحالية تشجع الكثير من الكيانات أو الجماعات، سواء الإجرامية أو السياسية المحلية أو الدولية، على تزوير النقود الوطنية لإشباع حاجاتها، وأيضا قد يكون سبب ذلك تمويل أنشطة تخريبية وإجرامية، بما يهدد الاستقرار الاقتصادي بالسودان في ظل ضعف أجهزة الدولة الإدارية والاقتصادية والقانونية والأمنية.

ويشرح أن عملية تزوير العملات تلحق أضرارا كبيرة بعملة الدولة واقتصادها، مع فقدان الثقة بالعملة الأصلية من قِبل المواطنين والتجار والمستثمرين “كما يحدث حاليا”، وسط خلق نوع من التوتر في العلاقة بين المستثمرين والبنوك، وبالتالي يؤدي ذلك إلى كساد السلع والخدمات، إلى جانب أنها تؤدي إلى فقدان العملة الأصلية قيمتها في الأسواق المحلية والأسواق العالمية، وهو ما يؤدي إلى ضعف إقبال الأفراد والمؤسسات على العملة، وبالتالي تضعف عمليات التجارة الدولية.

أما الاقتصادي بابكر الزين، فيرى في حديثه مع “العربي الجديد”، أن تزييف الجنيه لا تقتصر أضراره على العملة فحسب، وإنما تمتد آثاره السلبية إلى مصالح الدول الأخرى، فعندما تزيد عمليات تزييف العملة المحلية، تتأثر العملات الأخرى نتيجة الترابط النقدي. وأيضاً عندما تتسع عملية تزييف العملة، يزيد المعروض من النقود، وبالتالي تضعف القدرة الشرائية لتلك العملة، وتزيد نسبة التضخم، ما يؤدي إلى إضعاف سلطة الدولة.

كما يؤدي تزييف العملات أيضاً إلى الاعتداء على الذمم الخاصة بالأفراد، الذين ينخدعون بالعملات المزيفة، ما يؤدي إلى إلحاق الخسائر الفادحة ويتسبب في اضطراب المعاملات التجارية. ورغم أن تقديرات حكومية سابقة قالت إن عملية تغيير العملة مكلفة ومعقدة للغاية وتحتاج إلى نحو 600 مليون دولار، لكن إبراهيم البدوي، وزير المالية السابق، يؤكد أهمية تغيير العملة للتمكن من ضبط السيولة المتداولة خارج المظلة المصرفية، ويحذر من الآثار السلبية الكبيرة التي تنجم عن وجود سيولة ضخمة خارج السيطرة.

العربي الجديد