
السودان .. تصاعد وتيرة العنف ضد المدنيين
الخرطوم: الغد السوداني
«ما يحدث في السودان لم يسبق أن شهدناه من قبل، والانتهاكات ضد المدنيين تتم على نطاق واسع وبشكل منظم»، هكذا بدأت المستشارة القانونية وعضو “محامو الطوارئ” رحاب مبارك حديثها لـ”الغد السوداني”. وأكدت أن المسار القانوني لاسترداد حقوق الضحايا لم يبدأ بعد محليًا، بسبب غياب دولة ومؤسسات حقيقية، وانعدام مراكز الشرطة والجهاز القضائي المستقل. وأضافت: «ما هو قائم الآن في بورتسودان أو المناطق البعيدة عن الحرب مجرد مؤسسات تابعة للنظام السابق أعيد تشغيلها».
وترى رحاب أن هذا الواقع يجعل من الجرائم المرتكبة مسؤولية أخلاقية وقانونية على المجتمع الدولي، لحماية المدنيين ومساءلة الجناة، ومنع الإفلات من العقاب.
منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023 بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع، يعيش المدنيون في جحيم يومي، تتصدّره صور الدماء والدموع. وبينما تتبادل أطراف النزاع النيران، يدفع المواطن العادي ثمن وجوده في المكان الخطأ وفي الزمن الأسوأ.
المدن والقرى السودانية تحولت إلى مسارح للعنف، حيث أصبح انتهاك كرامة الإنسان حدثًا مألوفًا. شهادات المدنيين، مدعومة بالصور والفيديو، تكشف كيف صارت الأحياء ساحة حرب، وكيف سقط الآلاف بين قتيل وجريح، بعضهم برصاص طائش، وآخرون أعدموا أمام أسرهم، ومنهم من قضى دهسًا بمدرعات قتالية.
الحرب أودت بحياة عشرات الآلاف وشردت أكثر من 11 مليون شخص، وسط انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، شملت إصابات واسعة وعنفًا جنسيًا، ومنع المساعدات عن الملايين.
تحذير أممي
حذّر خبير الأمم المتحدة للسودان، رضوان نويصر، من تدهور حقوق الإنسان مع تمدد القتال، واصفًا حجم الانتهاكات بأنه “مرعب”. وأكد أن المدنيين تعرضوا لعنف غير مسبوق منذ اندلاع “النزاع غير المبرر” في 15 أبريل 2023.
كما عرض النائب العام السوداني ورئيس لجنة تقصي الحقائق، الفاتح طيفور، أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، تقريرًا وثّق جرائم قتل وجرح واغتصاب وإخفاء واحتجاز قسري لمئات الآلاف منذ بداية الحرب.
انتهاكات بالجملة
أكدت بعثة الأمم المتحدة المستقلة لتقصي الحقائق أن طرفي النزاع كثّفا استخدام الأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة. ففي محيط الفاشر وقع اعتداء واحتجاز وقتل، إضافة إلى إحراق قرى ونهب ممتلكات من قبل قوات الدعم السريع، وفي هجوم واحد قُتل أكثر من 100 مدني، بينما أودى قصف على “الكومة” بحياة 15 مدنيًا على الأقل.
وفي مناطق سيطرة القوات المسلحة مثل الخرطوم والجزيرة وسنار، وثّقت البعثة أعمال عنف انتقامية بين أواخر 2024 ومنتصف 2025، استهدفت من اشتُبه بدعمهم قوات الدعم السريع، بمن فيهم مدافعون عن حقوق الإنسان وعاملون طبيون وإغاثيون، تعرضوا للاعتقال والتعذيب، وأُعدم بعضهم. كما نفذت قوات الدعم السريع هجمات مماثلة، منها مقتل 30 مدنيًا في حي الصالحة بأم درمان يوم 27 أبريل.
خرق قوانين حقوق الإنسان
يقول الخبير القانوني الجيلي محمد علي إن طرفي الحرب ارتكبا انتهاكات جسيمة، مؤكدًا أن القانون الدولي الإنساني يمنح المدنيين حصانة، وأن ما جرى في السودان يرقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفق نظام روما الأساسي.
وأشار إلى تقارير من منظمات حقوقية وثّقت القصف العشوائي والقنص، معتبرًا ذلك خرقًا لمبدأ التمييز وجريمة حرب، مضيفًا أن أبرز الانتهاكات شملت العنف الجنسي، والاغتصاب الجماعي، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، إلى جانب النهب وتدمير البنية التحتية.