دورة
اعلان ماس فيتالس

السودان : تعاملات جديدة خارج نطاق السوق الرسمية تهدد بتعميق الازمة المعيشية

عاصم إسماعيل

صحفي سوداني

بدأت الازمة الاقتصادية فى السودان تتشكل بطرق جديدة مع تطور السوق الموازية للعملات ودخول تداولات خارج نطاق السوق الرسمية شملت الذهب والسلع و تهريب مدخرات وتحويلات مشبوهة إلى حسابات خارج البلاد.

واقترب سعر صرف الدولار فى السوق الموازية بالسودان من 3 الف جنيه مقارنة ب560 جنيه قبل عامين من الحرب، وارتبط هذا التراجع بتزايد الطلب الكبير على النقد الاجنبي مقابل شح المعروض منه وسط منافسة بين السوق الرسمية والموازية فى وقت تشهد فيه البلاد صفقات كبيرة داخل وخارج السودان.

هذا الوضع اثر بصورة كبيرة على الاسعار والاستقرار المعيشي حيث ارتفعت اسعار السلع بصورة كبيرة وسط ازمة معيشية يعانى منها المواطنيين فى ظل شح السلع وانعدام السيولة وسط المواطنيين، وشكا مواطنون من ارتفاع جنوني في أسعار السلع الاستهلاكية بالخرطوم وارتفاع أسعار كيلو العدس، والأرز إلى 8 الاف جنيه، بينما ارتفع سعر كيلو السكر والدقيق إلى 6 الاف جنيه، في ظل ارتفاع قيمة 3 قطع الخبز إلى ألف جنيه.

وتحاول البنوك السودانية تقليل الفجوة بين السعر الرسمي والموازي حيث رفعت سعر الصرف الى ما يقاب الفى جنيه مقابل الدولار لكنها تواجه ضعف ثقة الجمهور في النظام المصرفي، ما دفع إلى تزايد السحب النقدي والاعتماد على التحويلات الخارجية بشكل غير مسبوق.

ودفعت الاوضاع الاقتصادية المتدهورة إلى حالة من الارتباك الشديد في العمليات البنكية، وسط أنباء عن تهريب مدخرات وتحويلات مشبوهة إلى حسابات خارج البلاد.

وحذرت مؤسسات مالية دولية من أن استمرار النزاع، إلى جانب اتساع نطاق العقوبات الامريكية قد يدفع سعر الدولار إلى تجاوز حاجز 3,000 جنيه خلال الفترة القريبة، ما من شأنه إطلاق موجة تضخم عنيفة، وانهيار القدرة الشرائية، وتهديد الاستقرار المعيشي للمواطنين. وتحول السوق الموازية للعملات إلى اقتصاد بديل منذ انهيار النظام المصرفي الرسمي، مع حرمان المواطنين والتجار من القنوات الشرعية للتحويل والتجارة، ما فتح المجال أمام شبكات غير رسمية من تجار العملات والذهب وموزعي التحويلات.

واتسعت رقعة السوق الموازية لتشمل تجارة الذهب والتحويلات الدولية والاستيراد بطرق غير شرعية بأسعار تفوق السوق الرسمية ما خلق تشوها جديدا فى الاقتصاد الداخلى حيث تدار الاسواق من جميع مناطق السودان المختلفة خارج رقابة السلطة الشرعية حيث يعتمد تسعير السلع والذهب والبضائع وفقا للعرض والطلب فى وقت تتحكم فى هذه التجارة مجموعات اقتصادية ذات نفوذ الامر الذى ضاعف من معاناة المواطنيين.

ومع انتشار فوضى الاسعار والضائقة الاقتصادية وانعدام السيولة وظهور تجارة الاموال،عبر مواطنون عن استياءهم من تفاقم الاوضاع الاقتصادية.

وقال المواطن بابكر عيسي ان سوق العملات اصبح منتشر بصورة كبيرة فى كل ولايات السودان وعلنا دون تدخل السلطات حيث تباع العملات الورقية بنسبة كبيرة تصل الى خصم 20 % رغم ان بعض الولايات اصدرت فتاوى بحرمة النسبة التى يحصل عليها البائع الا ان الامر يزداد سوء مع تزايد سماسرة سوق العملات يوميا.

فى وقت يقول احد المواطنيين ان بعض المؤسسات الحكومية ترفض التعامل الالكتروني وتجبر المواطنيين على اتمام المعاملات ورقيا مما ساهم فى توسيع سوق العملات.

وحذر اقتصاديون ومراقبون من ان استمرار هذا الوضع بهذه الطريقة قد يعيد رسم التوازنات الاقتصادية والاجتماعية في السودان بطريقة غير قابلة للتنبؤ، ويضع الدولة في موقع المتفرج حيال تحول جذري في بنية السوق، يهدد بتكريس الانفلات المالي وتعميق الأزمة المعيشية، وارجعوا ذلك الى فشل السياسات المالية والنقدية التى فتحت الباب أمام شبكات غير رسمية من تجار العملة وسماسرة الذهب ووسطاء التحويلات الخارجية لبسط نفوذها على المشهد الاقتصادي.

ويقول الاقتصادي محمد بابكر ان السوق الموازية نشطت منذ زمن فى السودان بمساعدة متنفذين وتجار ظلوا يتحكمون فى السياسات المالية والنقدية، كما ان العاملين فى هذه السوق يمتد نفوذهم الى داخل المؤسسات الاقتصادية المختلفة يعلمون لصالحهم واخرين بعلم الدولة ولذلك اذا لم يتم اقصاؤهم والكشف عنهم ستظل حالة الاقتصاد مشلولة كما يحدث الان وربما تصل الامور الى الاسوأ خلال المرحلة المقبلة.

فى وقت قال الخبير الاقتصادي خالد التجاني فى تصريحات صحفية أن المقلق في الأمر هو أن هذه السوق أصبحت أكثر تنظيما مما يعتقد، مبينا أنها تمتلك قنوات اتصال تمتد عبر الحدود، واليات توزيع وتسعير شبه مؤسسية، ما يجعلها تشكل تهديدا جوهريا للسلطة الاقتصادية الرسمية في البلاد. وشدد على أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى واقع اقتصادي تتلاشى فيه سلطة الدولة تدريجيا، ويصعب أي محاولة لاحقة لإعادة بناء الاقتصاد أو تنفيذ إصلاحات حقيقية.

ولكن استاذ الاقتصاد بالجامعات السودانية محمد الناير ارجع الازمة الى اختلالات هيكلية فى النظام المصرفي، وقال ان 90 % من الكتلة النقدية خارج النظام المصرفي ما اعاق قدرة البنوك على ادارة السيولة وتنفيذ سياسات فعالة واوضح ان السوق الموازية نشات نتيجة لثغرات فى سياسات الصرف وتذبذب ادوات الضبط المالى، وقال ان السوق الموازية اصبحت اكثر تنظيما حتى من السوق الرسمية لانها بدات ترتبط بمسارات مختلفة خارج نطاق البلاد وشبكات تحويل الاموال حيث ان تداول العملة محليا لم يعد محركا اساسيا لهذه السوق، كما ان سوق الذهب يسيطر عليه المعدنون التقليدون بنسبة 80 % ما يصعب ايضا على الدولة التحكم فيه رغم وجود القانون ما جعله ايضا يدار خارج نطاق المؤسسات الرسمية.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.