
السودان.. الكارثة الإنسانية تتفاقم مع إستمرار الحرب
يواجه السودان أزمة إنسانية غير مسبوقة، حيث يعاني أكثر من 25.6 مليون شخص نصف السكان من انعدام الأمن الغذائي الحاد، وأكد برنامج الأغذية العالمي وجود مجاعة رسمية في مخيم زمزم بشمال دارفور، وهي الأولى عالميا منذ 2017، مع تحذيرات من مخاطر مماثلة في 13 منطقة أخرى تشمل دارفور، كردفان، الخرطوم والجزيرة. تتفاقم الأزمة بسبب النزاع المسلح المستمر، تدمير البنية التحتية، والعوائق العسكرية والإدارية التي تعرقل المساعدات الإنسانية.
يسلط التقرير الضوء على الكارثة الإنسانية التي تهدد بانهيار المجتمعات، مع مجاعة متفاقمة وتدهور الخدمات الأساسية.
حيث يتطلب الأمر تدخلا دوليا عاجلا يشمل وقف إطلاق النار، فتح ممرات إنسانية، وزيادة التمويل. بدون هذه الإجراءات، قد يواجه السودان كارثة تهدد حياة الملايين.
أزمة إنسانية:
تشهد مناطق دارفور، كردفان، والجزيرة أزمات إنسانية معقدة، تعد من أسوأ المآسي في تاريخ السودان الحديث في مخيم زمزم، أدى نقص الغذاء والخدمات الصحية إلى وفيات بسبب الجوع وسوء التغذية، خاصة بين الأطفال دون سن الخامسة. وفقا لتصنيف الأمن الغذائي التابع لبرنامج الغذاءالعالمي.
وأكد البرنامج لـ”الغد السوداني ” أن 8.5 مليون شخص يعانون من حالة طارئة، و755 ألف في ظروف كارثية. كما أشار إلى أن 13 منطقة، بما في ذلك الفاشر وجبال النوبة، معرضة لخطر المجاعة الوشيك.
وتسببت النزاعات المسلحة في نزوح 15 مليون شخص داخليا، وهي واحدة من أكبر موجات النزوح عالميا، مع نزوح أكثر من 500 ألف شخص إلى تشاد من دارفور وحدها.
تفاقم ازمات:
فيما أكد وليد سالم القدال، الرئيس التنفيذي للجمعية السودانية للإغاثة والتنمية المستدامة: تفاقم الأزمات الإنسانية في دارفور، كردفان، والجزيرة نتيجة النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية. وأوضح أن هذه المناطق تشهد نزوحا جماعيا وتدميرا للبنية التحتية، بما في ذلك المدارس والمستشفيات، مع فقدان مصادر العيش الأساسية مثل المزارع والمراعي.
وأشار القدال في حديثه ل”الغدالسوداني” إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية والوقود بسبب تدفق النازحين ونقص الموارد. كما أشار إلى أن الجفاف والفيضانات دمرا المحاصيل الزراعية، مما فاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. وأدان تسييس المساعدات، حيث تُستخدم كورقة ضغط سياسية بناءً على الانتماءات العرقية أو السياسية، مما يحرم المجتمعات من الغذاء والدواء. وحذر من استخدام الغذاء كسلاح حرب، مما يدفع آلاف العائلات للنزوح القسري ويعرض الأطفال والنساء لسوء التغذية الحاد. ودعا إلى تعزيز الحيادية في توزيع المساعدات لضمان وصولها دون تمييز.
وحول الازمة الانسانية في البلاد أكد بكري الجاك الناطق الرسمي باسم (صمود) أن السودان يواجه أزمات إنسانية متصاعدة تهدد حياة المواطنين، مع تفاقم مشكلات نقص الغذاء والدواء، تدمير المراكز الصحية، غياب الأمن، وانتشار الأوبئة مثل الكوليرا. وأوضح الجاك لـ”الغد السوداني” أن العوائق الإدارية والعسكرية تشكل تحديا كبيرا أمام إيصال المساعدات، حيث تصادر القوافل الإغاثية أو تعرقل بسبب الحواجز العسكرية. وأشار إلى أن الأزمة الإنسانية يجب أن تكون دافعا للحل السياسي، وليس عائقا، داعيا إلى تنازلات من جميع الأطراف. وحذر من أن استمرار هذه التحديات يفاقم معاناة المدنيين ويعرقل الجهود الإنسانية، مطالبا بتحرك عاجل لتسهيل وصول المساعدات ودفع عملية السلام.
فيما وصف الفاتح عثمان، الخبير في الشؤون الإنسانية عرقلة وصول المساعدات الإنسانية بأنها انتهاك خطير قد يُصنف كجريمة ضد الإنسانية. وأوضح عثمان لـ”الغد السوداني” أن مناطق مثل جبال النوبة، الفاشر، ومعسكري أبو شوك وزمزم شهدت حصارا طويلا، مما تسبب في معاناة ملايين الأشخاص من نقص الغذاء والدواء. وأشار إلى أن نزوح 15 مليون شخص داخليا يعد أكبر موجة نزوح منذ الحرب العالمية الثانية. كما أكد أن الأزمة الإنسانية تشكل عائقا أمام التوصل إلى حل سياسي، مشددا على ضرورة فتح الطرق ورفع الحصار عن مناطق مثل الفاشر وبابنوسة كشرط أساسي للمفاوضات.
تفشي أمراض:
بينما أفاد عروة الصادق، الخبير القانوني في حقوق الإنسان أن الصراع في دارفور، خاصة في الجنينة، تحول إلى عمليات تطهير عرقي استهدفت قبيلة المساليت، مما أدى إلى نزوح أكثر من 500 ألف شخص إلى تشاد. وأشار الصاد في إفادة ل”الغد السوداني ” إلى خروج 80% من المرافق الصحية عن الخدمة، وانقطاع مياه الشرب والكهرباء، مما تسبب في تفشي أمراض مثل الملاريا والكوليرا، مع معاناة 4 ملايين شخص من انعدام غذائي حاد. في كردفان، أوضح أن النزاع متعدد الأطراف دمر البنية التحتية الزراعية، ودعا إلى حل سياسي جذري يبدأ بوقف إطلاق النار، فتح ممرات إنسانية، وعملية سلام شاملة برعاية أممية وأفريقية، مع عدالة انتقالية لإنهاء الإفلات من العقاب.
ومن جهتها أكدت سلوى آدم بنية، المفوض العام للعون الإنساني في السودان، خلال زيارتها للخرطوم، أنها تفاوضت مع والي الخرطوم لتحديد احتياجات الولاية لمرحلة ما بعد الحرب. وأوضحت أن مشاريع الدعم ستُقدم للمانحين والمنظمات. ونفت وجود مجاعة، لكنها اتهمت قوات الدعم السريع بسياسة “تجويع متعمد” من خلال التحكم في توزيع المساعدات ومنع وصولها إلى الفاشر المحاصرة، بينما تُوجه الإغاثة إلى مناطق سيطرتها عبر 13 معبرا بريا وبحريا وجويا.
العوائق العسكرية والإدارية:
طبقا لبرنامج الأغذية العالمي يواجه البرنامج تحديات جسيمة بسبب الحواجز العسكرية، والإجراءات البيروقراطية المعقدة مثل تأخر التصاريح ورفض تأشيرات العاملين الأجانب علاوة على اعتراض بعض القوافل الإنسانيةمؤخرا.
وبحسب الخبراء في الفاشر وزمزم، تسبب الحصار في مجاعات موضعية، مع تقارير عن بيع المساعدات في الأسواق السوداء. كما تُفرض ضرائب غير قانونية على الإغاثة، مما يرفع أسعار السلع الأساسية بنسبة 300%. بالاضافة إلى استخدم الغذاء كسلاح حرب عبر حرق الحقول، نهب المخازن، وفرض الحصارات، مما دفع 5 ملايين شخص إلى حافة المجاعة. ويرى الخبراء ان تسييس المساعدات بناءً على الانتماءات العرقية أو السياسية يحرم المجتمعات الضعيفة من الدعم، مما يعمق الانقسامات الاجتماعية ويدفع بالعائلات إلى النزوح القسري.
وحول تأثير الأزمة على المدنين اتفق الخبراء على انهيار الخدمات ومعاناة المدنيين، لجهة أن النزاع
تسبب في خروج 80% من المرافق الصحية عن الخدمة، مع انهيار مرافق المياه والكهرباء وفي كردفان والجزيرة، دمر الصراع البنية التحتية الزراعية. ويعاني ثلث الأطفال دون سن الخامسة من سوء التغذية الحاد، مع تفشي أمراض مثل الكوليرا والملاريا، مما يهدد حياة 15 مليون نازح داخلي و4 ملايين لاجئ خارجي.