
“تيسلا” تخسر 150 مليار دولار من خلافات ترمب وماسك في يوم واحد
الغد السوداني_وكالات
ما بدأ خلافاً سياسياً عابراً تحول إلى نزاع علني شامل بين الرئيس التنفيذي لشركة “تيسلا” إيلون ماسك، والرئيس الأميركي دونالد ترمب، مما هزّ الأسواق وأفقد شركة “تيسلا” أكثر من 150 مليار دولار من قيمتها السوقية في يوم واحد.
أدى الصدام العلني إلى تراجع أسهم “تيسلا” الخميس، بأكثر من 16 في المئة مع اندفاع المستثمرين للبيع خلال النقاش الحاد بين ماسك، أغنى رجل في العالم، وترمب، في وقت يخشى خبراء السوق من أن تؤدي سياسات ترمب المحتملة إلى إبطاء تطوير المركبات الذاتية القيادة في الولايات المتحدة، مما قد يضر بمستقبل “تيسلا”.
وصف ماسك علناً مشروع قانون ترمب الشامل للضرائب والإنفاق – المعروف بـ”مشروع القانون الكبير الجميل” – بأنه “عمل بغيض مثير للاشمئزاز” يُضخّم العجز الفيدرالي بلا مبالاة، وسرعان ما رد ترمب غاضباً واصفاً ماسك بأنه “مجنون”، وهدد علناً بإلغاء عقود ودعم فيدرالي أساس بقيمة مليارات الدولارات كانت “تيسلا” و”سبيس إكس” تتمتعان به.
وقدرت وسائل إعلام أميركية قيمة العقود بـ18 مليار دولار.
إلغاء العقود الحكومية
رداً على ذلك قال ماسك إن شركته “سبايس إكس” ستباشر “سحب” مركبة “دراغون” الفضائية من الخدمة، علماً بأنها تعد ذات أهمية حيوية لنقل الرواد التابعين لوكالة “ناسا” إلى محطة الفضاء الدولية.
وجاء في منشور لماسك على “إكس”، “في ضوء بيان الرئيس حول إلغاء عقودي الحكومية، ستباشر ’سبيس إكس‘ سحب مركبة دراغون الفضائية من الخدمة على الفور”.
لكن مستخدماً على “إكس” ليس لديه سوى 200 متابع على المنصة، رد على منشور ماسك حول “دراغون” قائلاً، “من المؤسف هذا التراشق المتبادل، أنتما أفضل من هذا، خذا خطوة للوراء واهدآ بضعة أيام”، ليرد ماسك على هذا التعليق قائلاً “نصيحة جيدة، حسناً لن نخرج دراغون من الخدمة”.
لم تكن هذه الإشارة الوحيدة، إذ نشر الملياردير بيل آكمان، وهو حليف مشترك لكل من ترمب وماسك، قائلاً إن على الطرفين “التصالح من أجل مصلحة بلدنا العظيم”، ليرد عليه ماسك قائلاً “أنت محق”.
بدا خروج ماسك أخيراً من دوره الاستشاري السياسي القصير واعداً في البداية لتركيز “تيسلا” على الأعمال التجارية بدلاً من السياسة، إلا أن المستثمرين يواجهون الآن واقعاً قاتماً مع احتدام المعركة السياسية، فالإعانات والإعفاءات الضريبية التي يهدد ترمب بإلغائها عززت هوامش ربح “تيسلا” منذ فترة طويلة، وتحديداً، قد يؤدي الإلغاء المبكر للإعفاءات الضريبية على السيارات الكهربائية، التي تصل قيمتها إلى 7500 دولار لكل سيارة، إلى خفض أرباح “تيسلا” بنحو 1.2 مليار دولار سنوياً، وهي ضربة موجعة للربحية لا يمكن للمساهمين تجاهلها.
مناوشات سياسية
في مذكرة بحثية، علق رئيس استراتيجية الاستثمار العالمية في “ساكسو بنك” جاكوب فالكينكرون، على الصدام بين الجانبين، بقوله إن “التقلبات السياسية بدأت تُلقي بظلالها على أرباح ’تيسلا‘، ففي ألمانيا، وهي سوق رئيسة، انخفضت المبيعات بنسبة حادة بلغت 36 في المئة في البيانات الأخيرة، إذ يربط بعض المحللين تردد المستهلكين مباشرة بشخصية ماسك العامة المثيرة للجدل بصورة متزايدة، ويتعين على المستثمرين الآن تقييم ما إذا كانت مناوشات ماسك السياسية البارزة المستمرة قد تُهدد طموحات ’تيسلا‘ الأوسع للنمو العالمي”.
فالكينكرون أضاف أن “الأخطار تتجاوز عمليات ’تيسلا‘ في قطاع السيارات، إذ تعتمد مشاريع ماسك، بخاصة ’سبيس إكس‘، اعتماداً كبيراً على عقود حكومية تزيد قيمتها على 20 مليار دولار. وتُثير تهديدات ترمب، على رغم تعقيد تنفيذها الفوري، أجواءً من عدم اليقين، وأي خفض مفاجئ في التمويل الفيدرالي سيُحدث صدمة ليس فقط في شركات ماسك، بل أيضاً في السوق الوُسعى لمؤسسات التكنولوجيا المعتمدة على الحكومة”.
وإلى جانب التداعيات المباشرة على “تيسلا”، يسلط صدام ماسك مع ترمب الضوء على أخطار أوسع نطاقاً تهدد المستثمرين في القطاعات الحساسة سياسياً، يشير فالكينكرون، مضيفاً “يظهر هذا الخلاف بوضوح كيف يمكن للسياسة الشخصية أن تتفاقم بسرعة لتتحول إلى هشاشة مؤسسية، مما يثير قلق المستثمرين الذين يدعمون رؤساء تنفيذيين بارزين آخرين وصريحين. إنه تذكير صارخ بأنه عندما تنخرط قيادة الشركات بعمق في المعترك السياسي، غالباً ما يدفع المستثمرون الثمن”.
وسيسلط الضوء مباشرة على تصويت مجلس الشيوخ على مشروع قانون ترمب الضريبي، والمقرر إجراؤه خلال أسابيع، وحشد ماسك بعض أعضاء مجلس الشيوخ لإعادة النظر في بعض بنود التشريع، وأي تعديلات جوهرية قد تغير المشهد المالي لشركة “تيسلا” بصورة كبيرة، لذا سينبغي على المستثمرين متابعة هذا التصويت من كثب، إذ إنه يؤثر بصورة مباشرة في ربحية “تيسلا” المستقبلية، “نقلاً عن صحيفة اندبندنت عربية”.