اعلان ماس فيتالس

ذهب السودان …. التهريب وشح المعلومات أفقده بريق الإحتياط

عاصم إسماعيل

صحفي سوداني

الغد السوداني: خاص

يعتمد السودان على صادرات الذهب بصورة رئيسية للحصول على النقد الأجنبي وسد وتغطية العجز التجارى وتعول الحكومة على التنقيب عن الذهب من أجل سد الفجوة في الإيرادات الناتجة من فقدانها حوالي 70% من عائدات النفط بعد انفصال دولة الجنوب ووفقا لتقارير صادرة في وقت سابق عن الأمم المتحدة، فإن الاقتصاد السوداني تراجع بنسبة تصل إلى 42 % جراء الاشتباكات المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ نحو عامين.

وفي الصراع الحالي يعد الذهب هدفا للحرب فى السودان، ويساعد على تأجيجها، ويستمر كلا من الجيش وقوات الدعم السريع في الاعتماد على إنتاج الذهب كوسيلة أساسية لتمويل المجهود الحربي، ويدلل على ذلك عدد من الخبراء والمحللين بقولهم ان قوات الدعم السريع استولت على 1273 كيلو غرام من مصفاة الذهب فى الخرطوم، كما انها تمكنت من تنفيذ عملية نهب ضخمة، حيث استولت على نحو 820 مليون دولار أمريكي من الذهب الخالص المخزن بمصفاة الذهب جنوب الخرطوم، قدرت الكمية المنهوبة بحوالي 8 أطنان.

كما ان قوات الدعم السريع عازمة على الحفاظ على السيطرة على مناجم الذهب فى منطقة سونغو بولاية “جنوب دارفور” ما يضمن لها السيطرة الكاملة على منطقة التعدين المربحة، وفي محاولة للحد من مصدر دخل قوات الدعم السريع، قصفت القوات الجوية السودانية المنطقة مراراً وتكراراً.

ويقول كثيرون ان دخول قوات الدعم السريع لولاية الجزيرة لم يكن من افكار تلك القوات ولكنه كان مدبرا ومصمما لضمان عدم دخول تلك القوات إلى شمال السودان، حيث يتركز قطاع تعدين الذهب الذى ساهم بشكل كبير قوات الجيش في الاحتفاظ بهذه المناجم وتمويل عملياته العسكرية.

وتقول الحكومة أن إنتاج الذهب في مناطق سيطرة الجيش بلغ 150 مليون دولار من العائدات الشهرية، فيما قال مراقبون إن قوات الدعم السريع أنتجت ما يقدر بنحو 240 طنا من الذهب على مدى سبع سنوات من 2015 إلى 2022، بمعدل 32 طنا فى السنة، مؤكدين ان هذه الإيرادات هي التي ضمنت لقوات الدعم السريع تمويل العمليات العسكرية، كما تمتلك قوات الدعم السريع سوقا جاهزة لذهبها في الإمارات العربية المتحدة، حيث تم تهريب 2500 طن من الذهب غير المعلن من إفريقيا، بقيمة مذهلة تبلغ 115 مليار دولار، بين عامي 2012 و2022، وفقًا لدراسة حديثة أجرتها منظمة المعونة السويسرية، وهي مجموعة تنمية.

اعلنت الحكومة السودانية ان عائدات الذهب للعام 2024م حققت 1.9 مليار دولار بارتفاع الانتاج الى 64 طن عما كان عليه فى السابق 42 طن، وتجاوزت حصيلة صادرات السودان من الذهب مليار و500 مليون دولار خلال العشرة أشهر الماضية من العام 2024م وفق ما افاد به مدير شركة الموارد المعدنية محمد طاهر عمر.
مختصون قالوا ان السودان لم يصل لمرحلة اتخاذ الذهب ملاذ امن له رغم كثرة الانتاج وضعف الموارد الاخرى، واشاروا الى ان ظروف انتاجه معلومه للجميع عقب انفصال دولة جنوب السودان وذهاب ثلثى انتاج النفط الذى كان يساهم مباشرة فى خزينة الدولة فى وقت يطالب اخرون بضرورة ايقاف التعدين التقليدى والاعتماد فقط على الشركات الكبرى لضبط صادره حتى يصبح الذهب موردا يمكن الاعتماد عليه سوى كان فى الميزانية العامة للدولة او النقد الاجنبي.

ويرى الاقتصادى بابكر احمد التوم انه وفي حالة السودان يصعب اعتبار الذهب ملجأ امن مع انه كذلك عالميا، معددا الاسباب بانها تعود الى ضعف ايرادات الحكومة السودانية بشكل عام وهو ما يضطرها لبيع كامل انتاجها من الذهب لتلبية احتياجات الاستيراد وهو الامر الذى ينفى عنها تماما صفة اتخاذ الذهب ملاذا امن يعتمد عليه فى شان التقلبات المستقبلية.

اما الخبير الاقتصادي محمد الناير يقول بالتاكيد يعتبر الذهب ملاذ امن بعد الحرب التجارية التى اشعلها ترامب والقت بظلالها على الاقتصاد العالمي وشركاء امريكا حيث بدأ الجميع يذهب الى المعدن بل ربما تشهد الفترة المقبلة حرب عملات فيصبح الذهب ملاذا امنا فى كل الحالات، رغم ان امريكا تعتبر من اكبر الدول تعتمد على الذهب كملاذ لاحتياطيها الكبير ، وفيما يتعلق بالسودان يقول الناير ان ظروف السودان معروفة حيث تم استباحة بنك السودان المركزى ما افقده اكبر احتياطى موجود من الذهب رغم ان السودان لم يحتفظ بكل الانتاج ولكن لو قدرناه ب20 % من الانتاج يساهم فى استقرار العملة المحلية ويمنع التقلبات التى نشهدها الان ويقول على الدولة السودانية ان تقوم بدراسة قرار يمنع التعدين التقليدى لمصلحة تعدين الشركات الذى تتوافر فيه الضوابط فى الانتاج والصادر مثلما كان يحدث فى النفط وبذلك تتحقق المسؤولية الاجتماعية وايرادات الدولة بنسبة معروفة اضافة الى المساهمة فى الاستقرار الاقتصادي من جوانبة متعددة كما ان القرار يمكنه من الحد من عمليات التهريب التى تحدث فى قطاع الذهب غير المنظم اضافة الى سلبياته الكثيرة على البيئة والمعدنيين انفسهم لان 80 بالمائة من الذهب السوداني يستخرج عبر تعدين غير نظامى وهو ما ساهم بشكل كبير فى زيادة نشاط التهريب. وقال لابد من عمليه جراحية صعبة ولكنها تصب فى مصلحة الاقتصاد وتقلل من العشوائية فى انتاج الذهب.

ويقول محمد ادم الخبير فى مجال المعادن انه على الرغم من الانتاج الكبير المعلن من قبل الحكومة السودانية لكنه لايستفاد منه فاكثر من 65 % من الانتاج يتم تهريبه عبر طرق مختلفة فى البلاد سوى من قبل قوات الدعم السريع او عناصر من الحكومة نفسها.

يعد السودان أحد أكبر الدول في إفريقيا من حيث إنتاج الذهب، حيث يوجد في 14 ولاية من أصل 18، وتتركز مناطق تعدين الذهب في ولايتي نهر النيل والشمالية، من وادي حلفا حتى عطبرة، بالإضافة إلى ولايات الشرق الثلاث، وأهمها ولاية البحر الأحمر، حيث يعثر عليه بمحاذاة البحر الأحمر وعلى امتداد سلسلة الجبال الممتدة، وكذلك في ولاية النيل الأزرق. كما تنتشر مناجم الذهب في ولايات كردفان ودارفور، التي تقع ضمن نطاق الحرب وخارج سيطرة الحكومة التابعة للجيش في بورتسودان، ولا يعرف حتى الآن حجم التعدين هناك، أو ما إذا كان الإنتاج مستمرا كما في السابق في ظل ظروف الحرب.

يساهم الذهب بنحو (٥٠%) من قيمة الصادرات السودانية بما يعادل نحو (٢.٣) مليار دولار، ويتم تصدير الذهب بنظام الدفع المقدم، أي يودع المصدر القيمة الدولارية لصادر الذهب قبل الشحن للخارج. ويقول الاقتصادي محمد بابكر أن أغلب الذهب المصدر بصورة رسمية يذهب إلى دولة الإمارات العربية، لوجود مرافق التصفية والمعايرة المعتمدة دوليا في تلك الدولة، اضافة الى وجود حسابات للمصدرين السودانيين بالبنوك الإماراتية ذات الملاءة المالية القوية وغير الخاضعة لأي نوع من أنواع الحظر.

الا ان مختصون يقولون ان الذهب السوداني يتم تهريبه الى كافة دول الجوار نتيجة لشح المعلومات عنه وفي الغالب تقوم الأجهزة المعنية في الدول المجاورة بإغماض الأعين عن عمليات التهريب المحسوسة، ولكنهم يرون ان التهريب بالمستندات يتم عبر المنافذ الرسمية للسودان بتواطؤ من بعض منسوبي الأجهزة الرسمية والمهربين، ويستقبل الذهب المهرب بهذه الطريقة بأريحية في البلدان الأخرى لأنه يصل بأوراق رسمية سليمة.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.