
النزوح والشتات يطارد السودانيين في المدن الآمنة و دول الجوار
الغد السوداني: الأبيض – أبوبكر الأسباط
مع طول أمد الحرب التي دخلت عامها الثالث، تحول السودان إلى أسوأ مكان للعيش فيه بعد تهجير 13 مليون شخص داخلياً وخارجياً في حصيلة وصفت بالصادمة وصنفت أممياً بأنها واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم، تخطت توقعات الأمم المتحدة بكثير.
ووجد ملايين السودانيين من سكان الخرطوم والمناطق التي تشهد نزاعات مسلحة أنفسهم خارج منازلهم يضربون في أصقاع الأرض ويتشتتون في القرى والأرياف والمحليات بحثاً عن ملجأ آمن في الولايات الأخرى، بينما غادر آخرون خارج حدود بلادهم.
نزوح داخلي
أضطرت أعداد كبيرة من المواطنين للنزوح الداخلي في مدن بورتسودان وعطبرة والقضارف، والدمازين، وكذلك الولاية الشمالية وولاية نهر النيل من أجل البحث عن أمان والاستقرار والعمل، فضلاً عن الحاق الأطفال بالمدارس، إضافة إلى توجه آلاف آخرين لمراكز إيواء النزوح بالمدارس ومراكز التدريب والمخيمات وسط ظروف إنسانية صعبة للغاية.
وعلى رغم تقديم عدد من المنظمات الوطنية والدولية لمساعدات، إلى جانب دعم حكومات الولايات لمراكز الإيواء، إلا أن الأوضاع الإنسانية في هذه المعسكرات معقدة وعصيبة نتيجة الأزمات المستفحلة في الغذاء ومياه الشرب والدواء.
مخاطر وصعوبات
في السياق يقول عضو منسقية النازحين السابق عمر محجوب لـ (الغد السوداني) إن “طول أمد الحرب واتساع رقعتها في عدد من الولايات الآمنة أجبر آلاف المواطنين على البحث عن الأمان وسبل الحياة، حتى ولو أدى ذلك إلى تعريض أرواحهم للخطر من خلال عمليات التهريب والدخول إلى دول الجوار بطرق غير شرعية بواسطة شبكات تهريب البشر التي نشطت بشكل ملحوظ على حدود الجوار في مغامرات شديدة الخطورة راح ضحيتها كثيرون قبل بلوغ وجهتهم.
وأضاف : بالرغم شعور الذين وصلوا إلى دول الجوار بالامتنان لنجاتهم والخدمات الإنسانية التي وجدوها في المعابر الحدودية، لكن مع مرور الأيام بدأت أوضاعهم تسوء، لأن تقديراتهم كانت تقوم على أساس أن فترة بقائهم هناك قد لا تتعدى أشهر معدودة ، لكن إطالة أمد الحرب لأكثر من عامين أربك كل تقديراتهم وحساباتهم، وبدأوا يفكرون في العودة مهما كان الواقع الذي سيجابهونه.
وتابع : الحاجات المتزايدة للنازحين واللاجئين تشكل ضغطاً كبيراً على المنظمات بحيث لم تعد القدرات المتاحة تكفي لمواكبة المتطلبات.
لجوء لدول الجوار
يتوزع معظم اللاجئين السودانيين في الخارج بدول الجوار، منهم العدد الأكبر 794 لاجئاً في دولة تشاد، و643254 في جنوب السودان، و500000 في مصر، و51666 في إثيوبيا و29444 في أفريقيا الوسطى، وفق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، بجانب مجموعات أخرى صغيرة توجهت صوب أوغندا، وإريتريا وليبيا.
وبات السبيل الوحيد للهرب هو الطرق البرية الوعرة والطويلة خصوصاً بعد ارتفاع تذاكر خطوط الطيران من مدينة بورتسودان، في وقت تضاعفت أسعار التذاكر بالبر إلى أكثر من 10 مرات، في رحلات شاقة، طويلة ومرهقة وقاتلة في بعض الأحيان لبعض الفئات من كبار السن والأطفال.
ضعف القدرات
من جهته قال الباحث في مجال الهجرة واللجوء، محمد البدري لـ (الغد السوداني) إن “إرهاق المنظمات وشبكات الأمان والحماية وتآكل قدراتها باتت إحدى المعضلات التي تهدد استقرار اللاجئين في دول الجوار.
وتوقع البدري أن يضيف استمرار التدفقات تحديات كبيرة على الدول المجاورة للسودان، بخاصة التي كانت تستضيف لاجئين سابقين بسبب نزاعات قديمة.
ولفت إلى أن بعض الدول المستضيفة بدأت تنزعج من استمرار تدفقات اللاجئين حتى اليوم، والنظر إليها ضمن المهددات الأمنية، على رغم الترحيب الذي وجده اللاجئون في بداية الحرب لكن كثافة الضغوط وتواصل التدفقات جعلت الأمر يبدو مزعجاً بالنسبة لها مما دفعها لوضع بعض القيود والتضييق في إجراءات الدخول.