
اكثر من 3 الاف عامل فى قطاع التعليم خارج منظومة المرتبات
خلفت الحرب فى السودان اثار عميقة على قطاع التعليم واصبح اكثر من 3 الف عامل فى حقل التعليم خارج منظومة المرتبات منذ نحو عامين فى وقت اعلنت مؤسسة التعليم فوق الجميع ومنظمة الامم المتحدة للطفولة اكثر من 158 الف طفل غير ملتحقين بالمدرسة فى السودان للحصول على تعليم جيد بسبب توقف الدراسة.
يأتي ذلك في ظل أزمة إنسانية غير مسبوقة يعيشها السودانيين، بحسب ما صرحت أخيرا وكالات تابعة للأمم المتحدة، وسط الحرب المتواصلة في البلاد منذ نحو عامين. ويواجه السودان أزمة تعليمية غير مسبوقة، إذ يقدر عدد الأطفال النازحين بأكثر من خمسة ملايين طفل، فيما تعرضت مدارس عدة للتدمير أو صارت أهدافا للصراع، الأمر الذي أدى إلى انخفاض نسبة التحاق الأطفال بالمدارس إلى 13% فقط، في حين أن استخدام ما لا يقل عن ثلاثة الاف مدرسة ملاجئ للعائلات النازحة فاقم الوضع وحال دون وصول ملايين الأطفال إلى التعليم.
وفى الاثناء تم حجب مرتبات المعلمين فى كل انحاء السودان عدا بعض الولايات نهر النيل، القضارف، كسلا ، الشمالية، والبحر الاحمر التى تزيد فيها نسبة الصرف عن الولايات الاخرى الى حد ما، اما بقية الولايات تتفاوت وتتنافس فى عدم صرف المرتبات.
ويقول سامى الباقر المتحدث الرسمي باسم لجنة المعلمين السودانيين ان وزارة المالية انتهجت اسلوب الهروب من المسؤولية فيما يتعلق بصرف المرتبات وارجعت الصرف الى الولايات رغم انها تعلم ان موارد الدولة مركزية بما فيها المرتبات، واضاف هذا تنصل عن المسؤولية ومحاولة تشتيت وتفريق دم المرتبات ما بين ولائي واتحادى بمعنى ان كل طاقم الحكومة شريك فى حجب مرتبات المعلمين.
ويرى سامى ان المسالة مقصودة لتوجيه الموارد الى المجهود الحربى تاركة المعلمين لمدة سنتين، وعلى قلتها فكثير من العلاوات والبدلات وعلاوة بدل طبيعة العمل تم حجبها ، وحجب بدل اللبس والبديل النقدى ومنح الاعياد لمدة سنتين لم يتم صرفها فى الولايات الامنة وما يتم صرفه يمثل نسبة 60 بالمائة فقط من المرتب. واعتبر العلاوات من الدخول المهمة للعامل واضاف هناك شئ مهم ما يعتبر جريمة فى حق العامل مسالة تاكل القيمة الشرائية للجنيه وتدنى قيمة العملة التى انعكست على الاسعار خاصة وان بنود صرف المعيشة اليومية تضاعفت 6 مرات حيث ان المرتب كان يكفي العامل مدة 10 ايام، والان لايكفى يومين او ثلاثة حال تم صرفه، وقال ان ما يحدث فى المرتبات جريمة مركبة واثارها على المعلمين والعاملين والاسر التى تعيش اوضاعا كارثية فى السودان.
واقر الباقر باستمرار بعض العملية التعليمية فى ولايات خارج سيطرة الجيش ما يؤكد ان التعليم لا يتوقف باى حال من الاحوال، ولذلك كنا نعتقد ان التعليم لابد ان يكون مدخل للسلام، وشدد على مطالبات المعلمين فى بعض الولايات المستقرة بحقوقهم وان المطالبة لاتتوقف خاصة التى تم حجبها منذ بداية الحرب ولاتسقط بالتقادم وعلى الدولة الدفع، ونطالب بسرعة الاستجابة ، ويقول ان الحكومة عملت على معاقبة المعلمين الذين استجابوا للدفع بالعملية التعليمية بمناطق سيطرة الدعم السريع تحت بند التعاون مع الدعم وهذا يتنافى مع اولويات التعليم والمهنة ما ادى الى ايقاف رواتبهم وتصفية الحسابات ضد المعلمين .
واكد ان كثير من العاملين فى حقل التعليم غادروا المهنة الى مهن اخرى فى ظل الظروف الاقتصادية وقال نحن نتعامل مع نفس العدد الموجود سابقا حيث تتفاوت اعدادهم بين 2500 الى 3500 عامل ومعلم فى قطاع التعليم.
وطالبت لجنة المعلمين السودانيين إلى ضرورة اعتماد استراتيجية فعالة لمقاومة الحكومة، بهدف إلزامها بالوفاء بالتزاماتها المالية تجاه رواتب المعلمين في جميع أنحاء البلاد.رافضة السياسة التي تتبعها وزارة المالية، والتي اعتبرتها “فاشلة” حيث تفرض على الولايات تحمل مسؤولية دفع الرواتب.
وأكدت اللجنة في بيان على أهمية تسليط الضوء على المخاطر الناتجة عن تجزئة التعليم، حيث يتم التركيز على المناطق التي تسيطر عليها القوات المسلحة، مما يؤدي إلى إغفال المناطق الأخرى التي تعاني من ظروف إنسانية وتعليمية صعبة نتيجة النزاع المستمر.
واتفقت اللجنة على إنشاء لجنة متخصصة تهدف إلى متابعة القضايا الاجتماعية المتعلقة بالمعلمين، بالإضافة إلى وضع خطط عملية لمعالجة هذه المشكلات.
وانتقد معلمون سياسة وزارة المالية التي فرضت على الولايات تحمل مسؤولية دفع مرتبات المعلمين، في وقت تعاني فيه معظم الولايات من نقص حاد في الموارد نتيجة اثار الحرب، وقالوا ان هذه السياسات تزيد من الضغوط على الأنظمة التعليمية المحلية وتؤثر على جودة التعليم.
وقال المعلم بادى محمد صالح ان السياسة ادت الى تقسيم البلاد إلى مناطق نفوذ، حيث يتم دعم التعليم في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، بينما تهمل المناطق الأخرى، هذا التوزيع غير المتكافئ يعمق الفجوة في فرص الحصول على التعليم مما يهدد مستقبل الأجيال القادمة.
ويقول المختص فى شئون التعليم محمد المصطفي ان المرتبات لاتزال ثابته تتفاوت ما بين ٤٠ ألف جنيه للدرجة العمالية إلى ١٦٠ ألف جنيه للدرجة الأولى، وقد تضاعفت الأسعار بصورة جنونية منذ اندلاع الحرب وحتى الان (٨ أضعاف تقريبا).
ويقول ان رواتب المعلمين حق مشروع تكفله القوانين المحلية والدولية ولايجوز التراخى فى صرفها بل يجب ان تكون اولوية لاتقبل المساومة او التاجيل كما ان التقصير فى سدادها معلوم اسبابه فالمطلوب توجيه فورى بسدادها لكافة الولايات خاصة في ظل مركزة الموارد، مما يجعل ترك هذا الملف للولايات نوعا من التنصل من المسؤولية.
واضاف يجب على الحكومة ضمان المساواة في صرف الأجور لكافة العاملين بالدولة، دون تمييز بين الوزارات الاتحادية والوزارات الولائية، تحت أي ذرائع أو مبررات.
ومع التدهور الحاد في قيمة الجنيه السوداني، أصبحت الرواتب الحالية حتى لو تم صرفها غير كافية لتغطية الاحتياجات الأساسية للعاملين، مما يستوجب زيادة الحد الأدنى للأجور بشكل عاجل.
وتساءل احد المعلمين يدعى بابكر العجب بقوله اين ذهبت مرتبات المعلمين وكل موظفى الدولة صرفوا رواتبهم ومعها حوافز، الا المعلمين، وقال ان المعلمين يلتحفون الارض ويفترشون السماء ضنكا وجوعا وفقرا ولسان حالهم يقول صبرنا حتي عجز الصبر عن صبرنا ، المعلمون ضحايا الثالوث (الجوع والفقر والمرض) اغلب المعلمون تركوا البلد بعد التجويع الممنهج المدروس، اذا لا يعقل ان جميع موظفي الدولة في ال 23 شهر في الحرب هذه كلهم صرفوا عدا المعلمين صرفوا من 23 شهرا 6 شهور فقط.
واضاف مرتبات المعلمين احدثت شرخ في التعليم في السودان، مئات المعلمين تركوا السودان والمهنة دون رجعة للظلم الذي وجدوه ، منهم من مات بالقهر واحساسه بالظلم والتهميش، ماتوا كمدا وظلما وسكنوا في المدارس في الولايات وطردوا من المدارس وعاني المعلمون من حالات طلاق كثيرة في حياتهم الزوجية بسبب ايقاف المرتبات منهم.
معلمة سودانية من ام درمان كتبت منشورا على وسائل التواصل الاجتماعى تقول فيه انها قدمت استرحاما تترجي وتتوسل وزير المالية ان يرحمهم باعطاءهم مرتباتهم التى تكفي بالكاد وجبة او وجبتين.
وفى ديسمبر2024م أصدرت وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، تعميما لتنظيم صرف رواتب واستحقاقات العاملين بالدولة، اعلنت من خلاله التزام جميع الوحدات والهيئات العامة والشركات الحكومية بصرف استحقاقات العاملين فيها عبر الحسابات البنكية فقط دون الاشارة الى مرتبات المعلمين.
في يناير المنصرم 2025م أعلنت لجنة المعلمين السودانيين بولاية كسلا عن تنفيذ إضراب شامل احتجاجا على عدم صرف رواتبهم لمدة 15 شهرا.
وفي خطوة تصعيدية، أعلنت لجنة المعلمين السودانيين بولاية كسلا عن إضراب شامل في جميع محليات الولاية الـ11، احتجاجا على تأخر صرف رواتبهم ومستحقاتهم المالية التي لم تصرف منذ عامين. وأكدت اللجنة أن هذا الإجراء يأتي نتيجة للأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يواجهها المعلمون، حيث يعاني الكثير منهم من الفقر والمرض، مما أثر سلبا على حياتهم اليومية.
اكد احد المعلمين أن الإضراب جاء ردا على عدم صرف مرتبات شهور (أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر) من عام 2023، إضافة إلى رواتب عام 2024 بالكامل.وأوضح أن الإضراب سيظل مفتوحا حتى تحقيق مطالبهم، وعلى رأسها صرف مستحقاتهم المالية، كما أشار إلى أن والي ولاية كسلا عجز عن توفير الرواتب رغم استمرار المعلمين في أداء عملهم طوال الفترة الماضية وأضاف أن هذا التأخير انعكس بشكل مأساوي على حياة المعلمين، حيث أجبرهم على التسول في المساجد وعانى البعض منهم من فقدان المال والعلاج.
وفي بيان صادر عن لجنة المعلمين، أكدت أن محاولات الإدارة التعليمية لإفشال الإضراب من خلال التواصل مع مديري المدارس باءت بالفشل، وشددت اللجنة على أن الإضراب يعكس معاناة المعلمين مع انقطاع المرتبات لمدة عامين، مؤكدة رفضها القاطع لأي حلول جزئية، مشيرة إلى أن التجارب السابقة أثبتت عدم جدواها.
كما أعلنت لجنة المعلمين السودانيين عن بدء إضراب معلمي محلية سواكن في ولاية البحر الأحمر، وذلك نتيجة لتأخر صرف المرتبات المستحقة لهم. يأتي هذا الإجراء في إطار احتجاج المعلمين على ما وصفوه بالإهمال المتواصل من قبل الجهات المعنية، حيث اعتبرت اللجنة أن هذا التأخير يعد انتهاكا لحقوقهم الأساسية.
وأشارت اللجنة إلى أن الظروف الحالية التي يعيشها المعلمون في مدينة سواكن تؤثر بشكل كبير على حياتهم اليومية وأدائهم لمهامهم التعليمية، مما ينعكس سلبا على مستقبل الطلاب ويهدد العملية التعليمية برمتها.
ولجأ بعض المعلمين الى مهن بديلة كوسيلة لاعالة اسرهم حيث اتجه المعلم ياسين ابراهيم الى الزراعة بعد توقف راتبه ويقول انه نزح عدة مرات لولاية الجزيرة ثم الى ولاية القضارف التى استقر بها مشاركا بعض الموظفين فى العملية الزراعية وقال التجربة كانت جديدة مليئة بالتحديات، لكنه استطاع احراز تقدم فيها مع شركاء اخرين من ابناء المنطقة الزراعية، الا ان عدم استقرار الاوضاع الامنية ومهددات انقطاع التيار الكهربائي والرسوم المفروضة على المزراعين القت بظلال سالبة على التجربة .