رؤية الهلال أم الحسابات الفلكية أيهما ادق في تحديد موعد عيد الفطر ؟

الغدالسوداني-متابعات

مرة أخرى، شهد العالم الإسلامي هذا العام اختلافًا في تحديد أول أيام عيد الفطر المبارك لعام 1446 هـ (2025 م)، حيث احتفلت بعض الدول بالعيد يوم الأحد 30 مارس، بينما تأخرت دول أخرى ليوم الاثنين 31 مارس. يعكس هذا التباين المستمر إشكالية علمية ودينية تمتد عبر التاريخ، وتتجدد سنويًا مع دخول المناسبات الإسلامية التي تعتمد على التقويم الهجري.

أعلنت المملكة العربية السعودية، إلى جانب دول الخليج ومعظم دول إفريقيا، أن الأحد 30 مارس هو أول أيام العيد، بعد ثبوت رؤية الهلال مساء السبت. في المقابل، اعتمدت مصر والأردن وسوريا والجزائر والمغرب ودول أخرى على الحسابات الفلكية وعدم إمكانية رؤية الهلال، فأعلنت أن الاثنين 31 مارس هو أول أيام العيد.

يعود الاختلاف في تحديد العيد إلى عدة عوامل، أبرزها الرؤية الشرعية التي تعتمد على رؤية الهلال بالعين المجردة أو التلسكوبات، وفقًا لما جاء في السنة النبوية، مما يجعل إمكانية الرؤية متفاوتة حسب الظروف الجوية والموقع الجغرافي. في المقابل، تستند بعض الدول إلى الحسابات الفلكية التي تحدد ولادة الهلال وإمكانية رؤيته، حتى لو لم تثبت الرؤية بالعين المجردة. كما أن هناك تباينًا في اعتماد الشهادات، فبعض الدول تأخذ بشهادات أفراد حول رؤية الهلال، بينما تعتمد أخرى على لجان رسمية أو مراكز فلكية.

رغم أن الاختلاف في رؤية الهلال ليس ظاهرة جديدة، فإنه يطرح تساؤلات عدة حول مدى إمكانية توحيد بدايات الأشهر الهجرية، خاصة مع التقدم العلمي في علم الفلك وإمكانية تحديد ولادة الهلال بدقة. من الناحية الدينية، يرى بعض العلماء أن الالتزام بالرؤية البصرية جزء من اتباع السنة النبوية، بينما يطالب آخرون بالاعتماد على الحسابات الفلكية لتوحيد المناسبات الإسلامية. على المستوى الاجتماعي، يؤدي اختلاف موعد العيد بين الدول وحتى بين أفراد الجاليات المسلمة في بعض الدول الغربية إلى ارتباك في المظاهر الاحتفالية، خاصة للعائلات الممتدة التي تعيش في بلدان مختلفة. كما أن البعد الاقتصادي يتأثر بهذا الاختلاف، خاصة في الدول التي تربط العطل الرسمية بمواعيد الأعياد الدينية، مما قد يؤدي إلى اضطراب في الأعمال التجارية.

يدعو العديد من العلماء والباحثين إلى تبني تقويم هجري موحد يعتمد على الحسابات الفلكية، وهو ما اقترحته بعض المنظمات الإسلامية العالمية، إلا أن الخلافات الفقهية لا تزال تحول دون تطبيق ذلك على نطاق واسع. سيظل اختلاف موعد عيد الفطر قائمًا ما دامت هناك تفسيرات متباينة للنصوص الدينية ومعايير مختلفة لاعتماد دخول الشهر. لكن مع التقدم الفلكي، ربما يصبح العالم الإسلامي أقرب إلى إيجاد آلية توافقية تحسم هذا الجدل المستمر كل عام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.