اعلان ماس فيتالس

لجان المقاومة رحلةالأشواق طويلة ..تجربة الفترة الانتقالية ..صراع الحكم المحلي ولجان الخدمات والتغيير

بقلم محمد الطاهر احمدالنور

المقال الثالث:

في المقال السابق ناقشنا تجربة لجان المقاومة خلال الفترة الإنتقالية والدور الذي لعبته في حراسة مكتسبات الثورة والضغط نحو استكمال العملية الديمقراطية عبر حراكها القاعدي. في هذا المقال الثالث سنتطرق إلى تجربة الحكم المحلي عبر لجان الخدمات والتغيير.

 

ارتبطت لجان المقاومة بشكل وثيق بمستوى الحكم المحلي بل حتى هياكلها التنظيمية بُنيت على هذا الأساس فكان         التقسيم الجغرافي الذي انتهجته مبني بالأساس على التوزيع في مستويات الحكم المحلي انطلاقاً من تأسيسها القاعدي .

خاضت لجان المقاومة صراع انتزاع وتأسيس السلطة المحلية مبكراً بدأً بتشكيلها للجان تسييرية في الأحياء بديلاً  للجان الشعبية التي كانت تدين بالولاء لنظام البشير وصولاً لتشكيل لجان الخدمات والتغيير بناءً على قرار وزارة الحكم   المحلي حينها.

بمجرد صدور قرار تشكيل لجان الخدمات والتغيير دخلت اللجان في منعطف جديد وهو البدء في تشكيل سلطة رسمية من سلطات الدولة، شكل هذا المسار كثيراً من التساؤلات حول مستقبل اللجان وحول ما إذا كان سيمثل فرصة أم تهديدا لها، قبل الخوض في مزايا وعيوب هذا المسار يجدر أن نتحدث عن قرار وزير الحكم المحلي بتشكيل لجان الخدمات الصادر في 2020.

صدر قرار وزير الحكم المحلي يوسف آدم الضي حينها القاضي بتشكيل لجان الخدمات والتغيير في الأحياء عبر لجان     المقاومة وباشراف منسق تعينه الحرية التغيير، بالرغم من أن القرار سعى لمعالجة وضعية اللجان التسييرية لكنه وفي تقديري شكل أزمة جديدة للجان المقاومة من حيث عموميته واصطدامه بقانون الحكم المحلي المعطوب في البلاد.

أعطى القرار لجان المقاومة الحق في تشكيل لجان الخدمات متناسياً أن اللجان هي ليست تنظيمات حكومية رسمية أو    يتم تشكيلها بناء على قانون أو مسجلة مما فتح طريقا لإدعاء أطراف عدة تمثيل لجان المقاومة منهم من هم محسوبين على النظام البائد، حاول بعدها القرار معالجة الأمر بإضافة منسق للجان تعينه الحرية والتغيير وكعادة السياسيين كانت العلاقات الشخصية والحزبية مبرراً لقبول قوائم لجنة ورفض أخرى وهو ما زاد من حدة الانقسامات التي وصلت في بعض الأحياء لانقسام لجنة الحي الواحد.

القرار نصً على حل اللجنة عبر الجمعية العمومية متجاهلاً أن الجمعية العمومية كهيكل محلي لم تذكر في قانون الحكم   المحلي ولم يعرفها القرار أيضا مما جعل المدراء التنفيذيين يعتمدون سياسة (الخيار وفقوس) في قبول جمعية ورفض  أخرى.

هذا بخصوص القرار أما بخصوص تأثير القرار على لجان المقاومة فنجد أنه عزز من الانقسامات داخل اللجان وخلق المزيد من الصراعات الشخصية والحزبية ، البعض في انتقادهم للقرار يرى أنه جاء لمحاولة اشغال اللجان بالعمل الخدمي والحد من تحركاتها  السياسية التي كانت في لحظة ما متعارضة مع سياسات الحكومة الانتقالية وقوى الحرية والتغيير.

لكن هل يمكن القول بأن تجربة لجان الخدمات والتغيير كانت ذات فوائد على اللجان ؟ أرى أن الإجابة بالإيجاب فقد ساهمت تجربة الخدمات والتغيير بشكل مباشر في زيادة احتكاك اللجان بالقواعد والتعاطي اللصيق مع المواطنين مما ملكهم معرفة معقولة بمستوى الحكم المحلي وإجراءاته الإدارية ورفع قدرة عدد من منسوبيها في مجالات الإدارة وإعداد التقارير والاشراف.

 

لم تقتصر تجربة لجان المقاومة في الحكم المحلي على اللجان الخدمية فقد توسعت في مناطق أخرى عبر مناقشة قضايا  الحكم المحلي بصورة أوسع عبر منتديات وعبر حراك اعتصامات المحليات الذي أفرز واقعا جديدا ، حيث تحركت اللجان نحو المحليات مباشرة باعتصامات كانت تنادي بالشفافية في طرح موازنة الدولة، الإيرادات وأوجه صرفها ونادت بتشكيل المجالس التشريعية المحلية وهو ما لم يتم الفصل فيه حاله كحال مؤسسات عدة من مؤسسات الانتقال!

نتج عن الاعتصامات بعض النتائج الإيجابية كقرار تشكيل لجنة تنمية محلية امبدة – الذي ظل قراراً غير منفذ لاعتبارات كثيرة،  واللجنة المشتركة بين تنسيقية لجان مقاومة كرري ومحلية كرري والمجلس المحلي بالقضارف وعدد من الهياكل المحلية الأخرى.

 

كان لتأخير إجازة وتعديل قانون الحكم المحلي وغياب تعداد سكاني مكتمل وصحيح تأثيراً مباشراً على تعثر مساعي لجان المقاومة نحو حكم محلي ديمقراطي برغم وجود رؤى مميزة لكيفية تشكيل مؤسساته ورغبة جادة في بنائه.

لم تكتفي لجان المقاومة بالسعي نحو الحكم المحلي في الفترة الانتقالية بل جددت مساعيها بقوة في فترة الانقلاب         واستندت مواثيقها على عملية انتزاع السلطة قاعديا عبره، أفرزت هذه المساعي العديد من الشراكات مع المجتمعات المحلية والهياكل المشتركة يمكن الحديث عنها في سياق متصل.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.